صديقه أو من آحاد المؤمنين؛ فإن للمؤمن حقوقًا، فقط يتأكد في جانب الوالد والشيخ والصديق؛ فإذا أتى الزائر المقبرة وسَلَّم وترحَّمَ على أهلها ودعا لهم؛ فقد أدَّى حق والده وشيخه إذا كانا مدفونين بها، وأيضًا فقد أدَّى حق جميع المؤمنين الذين في هذه الجُبَّانة؛ فجَعْلُ تأدية حق الميت قِسمًا مستقلًّا فيه تساهل وذهول كما بيَّناه.
وأما قوله:«القسم الثالث: زيارة القبورللتبرك بأهلها إن كانوا من أهل الخير والصلاح ... » إلخ.
أقول: لا أدري ما الذي أراده هذا المعترض من هذا القسم؛ فإنه أتى بلفظ مُجْمَل يحتمل حقًّا وباطلًا، فإن أراد حصول المنفعة للزائر بتذكر الآخرة عند زيارته للقبر؛ فهذا لا يختص بقبور المؤمنين؛ بل تحصل العِظَة أيضًا بزيارة قبور الكافرين، وهذه المنفعة إنما حصلت للزائر من الله ـ عز وجل ـ لا من صاحب القبر؛ فإنَّ من لم يرد الله انتفاعه من زيارة القبور لم ينتفع بها ولو زار القبور في اليوم عشرين مرة.
وكم أُناس يزورون القبور ولا ينتفعون بزيارتها؛ بل تراهم مشتغلين باللهو واللعب وإتيان الفواحش في وسط المقبرة، وغير ذلك مما يعلمه من تتبع أحوالهم.
وإن أراد أن الزائرَ ينتفع بثواب الدعاء لهم والترحم والسلام عليهم؛ فهذا صحيح، ولكن أي مدخل لصاحب القبر فيه؛ لأنَّ المُثيب على الدعاء هو الله ـ