لأجله الرّسل، وأنزل] به كتبه، وفي هذا الإجمال ما يغني عن التّفصيل، ولو أراد رجل أن يجمع ما ورد في هذا المعنى من الكتاب والسُّنّة؛ لكان مجلّدًا ضخمًا.
انظر فاتحة الكتاب التي تتكرّر في كلّ صلاة مرّات من كلّ فرد من الأفراد، ويفتتح بها التالي لكتاب الله والمتعلّم له؛ فإنّ فيها الإرشاد إلى إخلاص التّوحيد في مواضع:
١ـ فمن ذلك:{بسم الله الرحمن الرحيم} ؛ فإنّ علماء المعاني والبيان ذكروا أنّه يقدّر المتعلّق متأخّرًا ليفيد اختصاص البداية باسمه ـ تعالى ـ لا باسم غيره؛ وفي هذا ما لا يخفى من إخلاص التّوحيد.
٢ـ ومنها:[في] قوله: {الحمد لله ربّ العالمين} ؛ فإنّ التّعريف يفيد أنّ الحمد مقصور على الله، واللّام في (لله) تفيد أنّ اختصاص الحمد له؛ ومقتضى هذا أنّه لا حمد لغيره أصلًا، وما وقع منه لغيره فهو في حكم العدم. وقد تقرّر أنّ الحمد هو الثّناء باللّسان على الجميل الاختياري لقصد التّعظيم؛ فلا ثناء إلَّا عليه، ولا جميل إلَّا منه، ولا تعظيم إلَّا له، وفي هذا من إخلاص التّوحيد ما ليس عليه مزيد.
٣ـ ومن ذلك: قوله: {مالك يوم الدّين} أو {ملك يوم الدّين} ـ على القراءتين السّبعيّتين ـ؛ فإنّ كونه المالك ليوم الدّين يفيد أنّه لا مُلك لغيره؛ فلا ينفذ إلَّا تصرّفه، لا تصرّف أحد من خلقه، من غير فرق بين نبيّ مرسل وملك مقرّب وعبد صالح، وهكذا معنى كونه مَلِك يوم الدّين؛ فإنّه يفيد أنّ الأمر أمره، والحكم حكمه؛ ليس لغيره معه أمر ولا حكم، كما أنّه ليس لغير ملوك الأرض معهم أمر ولا حكم ـ ولله المثل الأعلى ـ. وقد فسّر الله هذا المعنى الإضافيّ المذكور في فاتحة الكتاب