الكلام على حديث التّرمذيّ هذا، وهو أصحّ شيء ورد في هذا الباب
ذكر العلّامة السّيد محمود الآلوسيّ في كتابه «فتح المنّان» ـ الذي ردّ به على داود بن جرجيس ـ، قال ما نصّه ـ عند إيراده لهذا الحديث ـ:
«والجواب: أنّ هذا الدّليل لا يفيد العراقيّ شيئًا؛ بل هو من نمط ما قبله، وببيان معنى الحديث يُعلم ذلك؛ فقوله: «اللهمّ إنّي أسألك» أي: أطلب منك، «وأتوجّه إليك بنبيّك محمد» ، صرّح به مع ورود النّهي عن ذلك تواضعًا منه؛ لكون التّعليم من قبله، وفي ذلك قصر السؤال الذي هو أصل الدُّعاء على الله ـ تعالى ـ الملك المتعال، ولكنّه توسّل بالنّبيّ؛ أي: بدعائه؛ ولذا قال في آخره:«اللهمّ فشفّعه فيّ» ؛ إذ شفاعته لا تكون إلَّا بالدُّعاء لربّه قطعًا» .
ولو كان المراد التّوسّل بذاته فقط؛ لم يكن لذلك التّعقيب معنى؛ إذ التّوسّل بقوله:«بنبيّك» كافٍ في إفادة هذا المعنى؛ فقوله:«يا محمّد؛ إنّي توجّهتُ بك إلى ربّي» قال الطّيبيّ: الباء في (بك) للاستعانة. وقوله:«إنّي توجّهتُ بك» بعد قوله: «أتوجّه إليك» فيه معنى قوله: {مَن ذا الذي يشفع عنده إلَّا بإذنه} ؛ فيكون خطابًا لحاضر معاين في قلبه مرتبط بما توجّه به عند ربّه من سؤال نبيّه بدعائه الذي هو عين شفاعته؛ ولذلك أتى بالصّيغة الماضوية بعد الصّيغة المضارعيّة؛ المفيد كلّ ذلك أنّ هذا