عاقل هذا القول؟! فعُلِمَ بها عقم هذه النتيجة. والله المستعان.
وقوله:«إذا جاز الخروج إلى القريب؛ جاز إلى البعيد» : فانظر إلى تخليط هذا الرّجل وتغافله واتّباع هواه! كيف يجوّز ويمنع برأيه من غير نصّ ولا استناد إلى فعل أحد من الصحابة الذين هم أعلم النّاس بمقاصد نبيّهم؟! فإذا كان السّفر وشدّ الرّحل إلى القبور جائزًا؛ فلِمَ لم يفعله النّبيّ صلى الله عليه وسلم ومَن بعده؟! فهل كانوا لا يعلمون جواز ذلك؛ فقصّروا في فعل أمر هو قُربة من القرب، وفعله السُّبكيّ وأضرابه؟! فنبرأ إلى الله من الاعتداء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ فهذا هو التنقيص لهم بعينه، لا الذي يتمسّك في جميع الأمور الدينيّة بالكتاب والسُّنّة وأفعال الصّحابة ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ؛ فقد عسكوا الأمر بجعلهم المتمسّك بنصوص الشّريعة المطهّرة، المقدّم لها على رأي كلّ أحد من النّاس؛ ضالًّا بدعيًّا! والذي يجعل نصوص الشّريعة تابعة لرأيه وآراء متبوعه؛ هاديًا مهديًّا، معظّمًا لله ـ تعالى ـ ونبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ! سبحانك هذا بُهتانٌ عظيمٌ!
والآثار التي ذكرها عقب هذا، الدّالّة على خروجه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه لزيارة قبور الشّهداء؛ صحيحة، ولكن ليس فيها سفر ولا شدّ رحل؛ فكيف يستدلّ بها على جواز شدّ الرّحل والسّفر المتنازَع فيه؟!
فقد علمتَ ـ بما سلفَ ـ أنّ هذا المعترض لا حُجَّة له في السُّنَّة الصّحيحة على ما ذهب إليه، كما أنّه لا حُجَّة له في الآية الشّريفة التي استدلّ بها على مقصوده، بل القرآن والسُّنَّة الصّحيحة يصادمان ويناقضان مقصوده أشدّ تصادُم.
فصل
وأما الأصل الثالث (وهو: القياس) ـ وكان حقّه أن يؤخّر عن (الإجماع) ؛ لأنه يليه في الرُّتبة، ولكن حيث أنّه قدّمه هو فوجب أن نتكلّم عليه ـ؛ وهو قوله:«وإذا ثبت مشروعيّة الانتقال إلى قبر غيره؛ فقبره صلى الله عليه وسلم أولى» .
وجوابه أن يُقال: هذه مُغالطة بيّنة؛ لأنّا نقول: الذي ثبت مشروعيته إنَّما