ولا يخفى على العارف أنّ العلة في الحكم بالكفر هي: ما في ذلك من إيهام المشاركة، وأين هذا ممّن يصرّح في دعائه عندما يمسّه الضّرّ بقوله: يا الله ويا فلان، و: على الله وعلى فلان؛ فإنّ هذا يعبد إلهين ويدعو اثنين!
وأمّا مَن قال: مُطرنا بنوء كذا؛ فهو لم يقل: أمطره ذلك النّوء؛ بل: أمطر به، وبين الأمرين فرق ظاهر.
ومن ذلك: ما أخرجه مسلم، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يقول الله ـ عَزّ وجلّ ـ: أنا أغنى الشّركاء عن الشّرك؛ مَن عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركتُه وشركه» .
وأخرج أحمد، عن أبي سعيد مرفوعًا:«ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح الدجال» ؛ قالوا: بلى. قال:«الشّرك الخفيّ؛ يقوم الرجل فيزيّن صلاته لما يراه من نظر رجل» .
ومن ذلك: قوله ـ تعالى ـ: {فمَن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربّه أحدًا} ؛ فإذا كان مجرّد الرّياء الذي هو فعل الطّاعة لله ـ عَزّ وجلّ ـ، مع محبّة أن يطّلع عليها غيره أو يثني بها أو يستحسنها شركًا؛ فكيف بما هو محضّ الشّرك؟!
ومن ذلك: ما أخرجه النّسائي أن يهوديًّا أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فقال: إنّكم تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة! فأمرهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يقولوا: «وربّ الكعبة» ، وأن يقولوا:«ما شاء الله ثم شئت» .