وأمّا أقوال الصّوفيّة المحقّقين: فمن أجلّهم من المتأخّرين: سيدي عبد القادر الجيلانيّ الحنبليّ؛ قال في كتابه «الغُنية» وكتابه «تحفة المتّقين وسبيل العارفين» ، في باب: اختلاف المذاهب في صفات الله ـ عزّ وجلّ ـ، وقد ذكر اختلاف النّاس في الوقف عند قوله:{وما يعلم تأويله إلَّا الله والرّاسخون في العلم} ، إلى أن قال:«والله ـ تعالى ـ بذاته على العرش، علمه محيط بكلّ مكان، والوقف عند أهل الحقّ على قوله:{إلَّا الله} . وقد رُوي ذلك عن فاطمة بنت رسول الله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ، وهذا الوقف حسن لمَن اعتقد أنّ الله بذاته على العرش، ويعلم ما في السّماوات والأرض» انتهى.
وقد أطال الكلام ـ رحمة الله تعالى عليه ـ في باب: معرفة الصّانع من كتاب «الغُنية» له؛ فلا حاجة بنا إلى ذكر جميعه؛ لأنّ الكتاب مشهور، وقد طُبع بمكة المكرّمة ـ زادها الله تشريفًا وتعظيمًا ـ، وهو متداول بين النّاس. وإذا أردتَ الوقوف على جميع أقوال المسلمين من أهل التّفسير والحديث وأهل اللّغة والنّحو والمتصوّفة وأهل الكلام وغيرهم فردًا فردًا؛ فعليك بكتاب «اجتماع الجيوش الإسلاميّة لغزو المعطّلة والجهميّة» ، للحافظ ابن قيّم الجوزيّة، وهو كتاب جليل، لم يؤلّف مثله في هذا الباب؛ لأنّه جمع أشتات كتب المتقدّمين وأقوالهم في هذا الباب، مع إفراد كلّ قول على حدة؛ فجزاه الله ـ تعالى ـ الجزاء الأوفى، وحشرنا وإيّاه والمسلمين تحت لواء المصطفى، آمين.