حاجة بنا إلى المناقشة معه في ذلك؛ لأنّنا مسلّمون ومعتقدون جواز ذلك وطلبه حتى ممن هو أدنى من النّبيّ صلى الله عليه وسلم بمراحل؛ وكيف يسوغ إنكاره والله يقول:{وتعاونوا على البرّ والتّقوى} ؟! وإنّما النّزاع في جواز الاستغاثة بالمخلوق بعد وفاته؛ بمعنى: طلب الغوث منه ـ كما تدلّ عليه لغة الكتاب والسُّنّة ـ؛ فهذا ما دلّ عليه أثر ولا جاء في خبر.
والقول الفصل في هذه المسألة: أنّ الميّت إذا مات انقطع عمله من قول وفعل، ولم يبقَ له إلَّا ما قدّمه في حياته، لا فرق في ذلك بين نبيّ ووليّ وصالح؛ ومَن زعم أنّ الأنبياء والأولياء يفعلون أشياء في قبورهم يصل إليهم ثوابها كما كانوا في حياتهم؛ فعليه الدّليل؛ وأنّى له ذلك؟! وهذه المشغبات كلّها لا تجدي نفعًا؛ بل تفتح على النّاس باب الشّرك الأصغر بل الأكبر.
وأمّا جعله (الاستغاثة) و (التّجوّه) و (التّشفّع) و (التّوسّل) بمعنى واحد؛ فهذا لا يقوله أحد مارس فنّ اللّغة؛ بل الفرق بين (الاستغاثة) و (التّوسّل) ظاهر ـ كما سبق لنا بيانه ـ. والله الموفّق والهادي إلى الصّواب.