للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهما بحكم واحد، وطفق يُشنّع على مَن خالفه وينسبه للجهل والزّيغ والابتداع؛ فهو الأجدر بذلك؛ لأنّه ملوم بتقصيره في الفهم، مذموم على وقوعه في أعراض العلماء بغير حقّ ولا مسوّغ شرعيّ؛ بل حمله على ذلك التّعصّب والحسد وقلة الخوف من الله ـ عزّ وجلّ ـ؛ فنعوذ بالله ممن هذا حاله.

وأمّا قوله في الرّد على الفُتيا: «إنّ ابن تيميّة جعل ابن عقيل من المتقدّمين والغزاليّ من المتأخّرين؛ ليوهم على العوام» :

فجوابه: أنّ شيخ الإسلام قد عطف ابن عقيل على ابن بطّة القائلين بمنع شدّ الرّحل إلى زيارة القبور، ومعلوم أنّ ابن بطّة من المتقدّمين بلا خلاف؛ لأنه مات سنة ثلاثمائة وسبع وثمانين، وأمّا ابن عقيل فهو كان معاصرًا للغزاليّ ومات بعده؛ فمراده أنّ ابن عقيل وافق على ما قال ابن بطّة، ولم يتعرّض للتّاريخ، وأمّا جعله الغزاليّ من أصحاب الشّافعيّ المتأخّرين فهو الصّحيح؛ لأنّه مات سنة خمسمائة وخمس؛ فلا إيهام حينئذ.

وأمّا ردّه على شيخ الإسلام في نقله الخلاف: فهو ساقط؛ وقد بُيّن فساده فيما سبق.

وأمّا قوله عن شيخ الإسلام: «إنّه عزا حديث: «مَن زارني في مماتي كان كمَن زارني في حياتي» للدّارقطنيّ وابن ماجه» :

فجوابه: أنّ هذه الفُتيا التي نقلها السّبكيّ في هذا الموضوع هي بعينها التي نقلها عن شيخ الإسلام الشّيخ مرعي الحنبليّ في كتاب «الكواكب الدّريّة في مناقب شيخ الإسلام ابن تيميّة» ، وعليها توقيعات من علماء بغداد من أهل المذاهب الأربعة، وكلّهم قد شهدوا أنّ ما قاله شيخ الإسلام في هذا الجواب هو حقّ لا مرية فيه، وأنا قد قرأتُ الجواب من أوّله إلى آخره؛ فلم أجد فيه أنّ شيخ الإسلام عزا هذا الحديث لابن ماجه؛ بل اقتصر على عزوه للدّارقطنيّ فقط.

وقول السّبكيّ: «إنّه لم يرَ هذا الحديث في سنن ابن ماجه» : فهو حقّ؛ وهذا يدلّ على

<<  <   >  >>