الصّحيحة الواردة في الصّفات بقولهم: هذه أخبار آحاد! فلا يجوز وصف الباري ـ تعالى ـ بمثلها، ولا يُقبل في الصّفات إلَّا الأخبار المتواترة! وإذا جاءهم الخبر المتواتر أوّلوه بآرائهم. فالحاصل: أنّهم لا يقبلون الأحاديث الواردة في الصّفات، وإذا كانوا قد أوّلوا آيات الكتاب العزيز الواردة في صفات الله ـ عزّ وجلّ ـ؛ فالسُّنّة بطريق الأولى!
ومنها: تقديمهم آراء متبوعهم عليها؛ حتى قال بعضهم:«إنّ كلام أصحابنا هو الأصل، وما جاء من السُّنّة إن كان موافقًا لهم قُبِل، وإلَّا فيؤوّل أو يهمل» . وبعضهم ممّن اشتغل بعلم الحديث، لكنّه لم يرفع به رأسًا؛ لغلبة التّقليد عليه؛ فترى هذا المسكين يتعصّب للمذهب بكل ما يقدر عليه؛ فتارة يضعّف الصّحيح، أو يؤوّله بما يوافق المذهب، وتارة يصحّح الضّعيف؛ فإذا اطّلعتَ على شرح «صحيح البخاريّ» ـ مثلًا ـ لعالم حنفيّ؛ قلتَ: كتاب البخاريّ كلّه أدِلّة لمذهب أبي حنيفة! وإن قرأتَه بشرح مالكيّ أو شافعيّ أو حنبليّ؛ قلتَ: هذا الكتاب كلّه لمذهب إمام الشّارِح!
ومنها: قولهم: إنّ السُّنّة قد انقطع الاستدلال بها مِن سنة أربعمائة أو بعدها بيسير ـ على اختلاف بينهم في الزّمن الذي انسدّ فيه باب الاجتهاد ـ؛ فيحرم على النّاس استنباط حكم من آية أو سُنّة؛ ويجب عليهم تقليد مذهب معيّن، ولا يجوز لهم قراءة كتب السُّنّة ـ كـ «صحيح البخاريّ» وغيره ـ إلَّا لأجل التّبرّك وإنزال المطر ورفع الوباء والغلاء ودفع الشّدائد! ويقتنون الكتاب من كتب السُّنّة لأجل تكثير الدّراهم، وحفظًا للبيت من الاحتراق والسّرقة، وغير ذلك من الأشياء التي لم تُعهد في زمان السّلف! وليت شعري؛ مع هكذا كلّه؛ أمروا النّاس بالاستهداء بها وفهم معانيها، وأوجبوا عليهم العمل بما فيها، والرجوع إليها عند التّنازع والاختلاف، بل تراهم يقولون للنّاس: أنتم لا تفهمون معاني الكتاب والسُّنّة ـ كأنّهما لم يكون باللّسان العربيّ الفصيح العاري عن التّعقيد والغرابة ـ، وأنتم لا تعرفون المتواتر من الآحاد، ولا النّاسخ من المنسوخ، وغفلوا أنّ السُّنّة معظمها بل كلها ـ ما عدا حديث: «من