للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السّبكيّ في خطّه» .

فجوابه أن يقال: في أيّ كتاب وفي أي فتوى لابن تيميّة حرّم فيها زيارة قبرة النّبيّ صلى الله عليه وسلم؟! وهذه كتبه بأيدينا مطبوعة منتشرة في جميع أنحاء الأرض، وكلّها مصرّحة بمشروعيّة زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقبور غيره من الأنبياء وكافّة المسلمين؛ وإنّما ذكر الخلاف في مسألة: شدّ الرّحل. فبالله عليك؛ إذا كان رجل قد قصر فهمه عن فهم كلام الأئمّة؛ فهل يليق به أن يطعن عليهم، وينسب إليهم أشياء لم يقولوها بل قالوا بخلافها؟! أمّا يستحي مَن هذا صنيعه، ويتذكّر موقفه بين يدي أحكم الحاكمين؟! وهل يجوز لهذا المعترض ـ بعد هذا البيان ـ التّشدّق بما أتى به من الهذيان من جهلة النّاس الطّغام الذين لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون؛ بل وجدوا مشائخهم على هذا الضّلال المبين؛ فقالوا: إنّا وجدنا أشياخنا على هذا قائلين، وإنّا على آثارهم مقتدون! فتبًّا لهاتيك العقول! وكيف ينتسب ابن حجر هذا لأهل العلم، وهذا حاله؛ مِن ترك التّثبّت في النّقل، والتّبصّر في النّقد. وكان دأب العلماء ـ رحمهم الله ـ التّثبّت في مسألة الجرح والتعّديل؛ فكانوا لا يحكمون بجرح الرّجل إلَّا إذا عرفوا حال الجارح، وبشرط أن يذكر ما جرحه به؛ ليُنظر فيه؛ فقد يكون ذلك جرحًا في الحقيقة، وقد لا يكون؛ مثل مسألتنا هذه؛ فالسّبكيّ التبس عليه وعسر عليه فهم فتوى ابن تيميّة؛ فظنّ أنّه حرّم الزّيارة وشدّ الرّحال معًا؛ فأخطأ؛ فجاء العلماء فبيّنوا مقصود ابن تيميّة من هذا الكلام؛ وأنّ مقصوده من هذا تحريم شدّ الرّحل إلى غير المساجد الثّلاثة ـ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ، فإذا شدّ الرّحل بنيّة الصّلاة في مسجده؛ استُحب له أن يزور قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وإذا نواها مع الصّلاة؛ فلا بأس.

فهذا ملخّص ما قال ابن تيميّة؛ فهل يقول أحد: إنّ هذا يفيد تحريم الزّيارة إلَّا مَن أعمى الله بصره وقلبه واتّبع الشّيطان وحزبه؟!

وأمّا قوله: «كما رآه السّبكيّ في فُتيا له بخطّه» ؛ فجوابه: أنّ الفُتيا التي رآها السّبكيّ قد ذكرها بالحرف الواحد في كتابه «شفاء السّقام» ، ومذكورة أيضًا في عدّة كتب لشيخ الإسلام، وعليها خطوط علماء بغداد من أهل المذاهب الأربعة، وليس فيها ـ

<<  <   >  >>