للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المانعون للتّوسّل من الأدِلّة الخارجة عن محلّ النّزاع خروجًا زائدًا على ما ذكرناه؛ كاستدلالهم بقوله ـ تعالى ـ: {وما أدراك ما يوم الدّين * ثم ما أدراك ما يوم الدّين * يوم لا تملك نفس لنفس شيئًا والأمر يومئذ لله} ؛ فإنّ هذه الآية الشّريفة ليس [فيها] إلَّا أنّه ـ تعالى ـ المنفرد بالأمر في يوم الدّين، وأنّه ليس لغيره من الأمر شيء، والمتوسّل بنبيّ من الأنبياء أو عالم من العلماء هو لا يعتقد أنّ لمَن توسّل به مشاركة لله ـ جَلّ جلاله ـ في أمر يوم الدّين، ومَن اعتقد هذا لعبد من العباد ـ سواء كان نبيًّا أو غير نبيّ ـ فهو في ضلال مبين.

وهكذا الاستدلال على منع التّوسّل بقوله: {ليس لك من الأمر شيء} ، {قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا} ؛ فإنّ هاتين الآيتين مصرّحتان بأنّه ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر الله شيء، وأنّه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا؛ فكيف يملك لغيره؟! وليس فيها منع التّوسّل به أو بغيره من الأنبياء أو الأولياء أو العلماء، وقد جعل الله لرسوله صلى الله عليه وسلم المقام المحمود ـ مقام الشّفاعة العظمى ـ، وأرشد الخلق إلى أن يسألوه ذلك ويطلبوه منه، وقال له: «سل تُعط، واشفع تُشفّع» ، وقيّد ذلك في كتابه العزيز بأنّ الشّفاعة لا تكون إلا بإذنه، ولا تكون إلا لمَن ارتضى. ولعلّه يأتي تحقيق هذا المقام ـ إن شاء الله تعالى ـ.

وهكذا الاستدلال على منع التّوسّل بقوله صلى الله عليه وسلم، لما نزل قوله ـ تعالى ـ: {وأنذر عشيرتك الأقربين} : «يا فلان بن فلان؛ لا أملك لك من الله شيئًا، يا فلانة بنت فلان؛ لا أملك لكِ من الله شيئًا» ؛ فإنّ هذا ليس فيه إلَّا التّصريح بأنّه صلى الله عليه وسلم لا يستطيع نفع مَن أراد الله ـ تعالى ـ

<<  <   >  >>