للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر الله ـ تعالى ـ فضل الشّهادة التي استهدف لها المؤمنون في سبيل الدّعوة إلى الحقّ والدّفاع عنه» . انتهى.

فإذا عرفتَ ما قاله العلماء في حياة الشّهداء التي ثبتت بالكتاب والسُّنّة، وأنّها ليست كحياتنا؛ علمتَ قطعًا [بطلان] ما بنى عليه السّبكيّ من جواز سؤال الميّت ما كان يقدر عليه في الدُّنيا ـ لأنّه حيّ في قبره حياة حقيقيّة ـ.

ثم يُقال له: فهل كان الصّحابة ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ يعلمون ذلك أم لا؟ فإن كانوا يعلمونه؛ فلِمَ لم يُنقل لنا بإسناد صحيح عن أحد منهم أنّه كان يأتي إلى القبر المعظّم، ويسأل منه صلى الله عليه وسلم ما كان يسأله منه في الدُّنيا ويستغيثه ويشاوره، مع علمه أنّه يسمعه ويقدر على إجابته وقضاء حوائجه؟! بل كانوا يأتون إلى القبر الشّريف ويسلّمون عليه ثم ينصرفون. وإن كانوا لا يعلمون ذلك؛ فمَن أين أتى للسّبكيّ أنّ هذه الحياة حياة حقيقيّة يقدر معها على التّصرّف التّامّ؟!

فقد علمتَ ـ بما قرّرناه ـ أن السّبكيّ لا حُجّة له بما أورده في هذا الباب على مقصوده من جواز الاستغاثة بالمخلوق الميّت أو الغائب.

وأمّا التّوسّل بالأنبياء والصّالحين في حياتهم وبعد مماتهم؛ فهو جائز ـ كما قدّمناه ـ؛ وقد عرفتَ الفرق بين التّوسّل والاستغاثة.

وللإمام الحافظ ابن القيّم كلام نفيس ذكره في نونيّته المسمّاة بـ «الكافية الشّافية في الانتصار لأهل الفرقة النّاجية» ؛ يتعلّق بما نحن فيه؛ أردنا أن نختم به الكلام على هذا الباب؛ قال ـ رحمه الله تعالى ـ ما نصّه:

<<  <   >  >>