للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الدكتور محمد الصامل: «وإن من أعظم مظاهر إعجازه البياني ذلك التشابه العجيب بين كثير من آياته. فقد تتشابه الآيتان أو الثلاث، أو أكثر من ذلك في معظم ألفاظها وتختلف في بعضها، ويكون الاختلاف على وجوه منها، تقديم بعض الألفاظ في موضع، وتأخرها في موضع آخر، أو ذكر حرف مكان آخر، أو كلمة مكان أخرى، أو مجيء كلمة في مكان وخلو المكان الآخر منها أو غير ذلك من مظاهر التشابه اللفظي» (١).

٤ - الرد على الملحدين الطاعنين في كتاب الله الذين يدَّعون أن القرآن به تكرار لا هدف له فيُثبت علم المتشابه اللفظي بلاغة التكرار، ووجه الحكمة في كل موضع.

يؤكد الإمام الزركشي على فائدة التكرار وأنه من الفصاحة فيقول: «وقد غلط من أنكر كونه – التكرار – من أساليب الفصاحة ظنًا أنه لا فائدة له، وليس كذلك، بل هو من محاسنها، لا سيما إذا تعلق بعضه ببعض؛ وذلك أن عادة العرب في خطاباتها إذا أبهمت بشيء إرادة لتحقيقه وقرب وقوعه، أو قصدت الدعاء عليه، كررته توكيدا، وكأنها تقيم تكراره مقام المقسم عليه، أو الاجتهاد في الدعاء عليه، حيث تقصِد الدعاء؛ وإنما نزل القرآن بلسانهم، وكانت مخاطباته جاريةً فيما بين بعضهم وبعض، وبهذا المسلك تستحكم الحجة عليهم في عجزهم عن المعارضة. وعلى ذلك يحتمل ما ورد من تكرار المواعظ والوعد والوعيد، لأن الإنسان مجبول من الطبائع المختلفة، وكلها داعية إلى الشهوات، ولا يقمع ذلك إلا تكرار المواعظ والقوارع» (٢).

٥ - يدعو إلى البحث والتأمل في كتاب الله خاصة مع وعورة مسلكه، وتحير الكثير في معرفة سبب توجيه المتشابه، واختلاف المتشابه من موضع لآخر، وهذا ما حثنا عليه الله -عز وجل- فقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (٣)، كما أن هذا يجعل المرء يجتهد أكثر وأكثر فيزيد ثوابه وأجره.

يقول الدكتور صالح الشثري: «ولعل من دواعي قلة التأليف في هذا العلم وعورة مسلكه، ودقة مباحثه وغموضها إلا لمن امتلك الأدوات، ورزق الصبر والنظر الدقيق المكرر» (٤).


(١) «من بلاغة المتشابه اللفظي في القرآن الكريم»، لمحمد الصامل (ص: ٥).
(٢) «البرهان في علوم القرآن»، للزركشي، (٣/ ٩).
(٣) سورة محمد: الآية (٢٤).
(٤) «المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية»، لصالح الشثري، (ص: ١٤).

<<  <   >  >>