للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفة إثر صفة وأخرت لأن تعليم الكتاب وتفهيم ما انطوى عليه من الحكمة الإلهية والأسرار الربانية إنما يكون بعد التخلي عن دنس الشرك ونجس الشك بالاتباع، وأما قبل ذلك فالكفر حجاب، وقدم التزكية على التعليم في هذه الآية وأخرها عنه في دعوة إبراهيم لاختلاف المراد بها في الموضعين، ولكل مقام مقال، وقيل: التزكية عبارة عن تكميل النفس بحسب القوة العملية وتهذيبها المتفرع على تكميلها بحسب القوة النظرية الحاصل بالتعليم المترتب على التلاوة إلا أنها وسطت بين التلاوة والتعليم المترتب عليها للإيذان بأن كلاً من الأمور المترتبة نعمة جليلة على حيالها مستوجبة للشكر ولو روعي ترتيب الوجود كما في دعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام لتبادر إلى الفهم كون الكل نعمة واحدة، وقيل: قدمت التزكية تارة وأخرت أخرى لأنها علة غائية لتعليم الكتاب والحكمة، وهي مقدمة في القصد والتصور مؤخرة في الوجود والعمل فقدمت وأخرت رعاية لكل منهما، واعترض بأن غاية التعليم صيرورتهم أزكياء عن الجهل لا تزكية الرسول عليه الصلاة والسلام إياها المفسرة بالحمل على ما يصيرون به أزكياء لأن ذلك إما بتعليمه إياهم أو بأمرهم بالعمل به فهي إما نفس التعليم أو أمر لا تعلق له به، وغاية ما يمكن أن يقال: إن التعليم باعتبار أنه يترتب عليه زوال الشك وسائر الرذائل تزكيته إياهم فهو باعتبار غاية وباعتبار مغيا كالرمي. والقتل في قولهم: رماه فقتله فافهم» (١).

*أيضًا قام بتوجيه آيات المتشابه اللفظي الخاصة بالحروف المقطعة وأطال التوجيه ونقل الكثير من الآراء (٢).

ج. طول النفس في توجيه جميع مسائل المتشابه اللفظي بين الآيات في بعض المواضع.

ومن ذلك تناول الإمام الألوسي للفروق بين آيتي الأمر بدخول القرية في سورتي البقرة والأعراف حيث قال: «وقد ذكر مولانا الإمام الرازي رحمه الله تعالى أن هذه الآية ذكرت في الأعراف مع مخالفة من وجوه لنكات. الأول: قال هنا: {وَإِذْ قُلْنَا} (٣) لما قدم ذكر النعم؛ فلا بد من ذكر


(١) روح المعاني، (١/ ٤١٧).
(٢) يُنظر: توجيه الإمام الألوسي للحروف المقطعة ونقله للآراء، روح المعاني، (١/ ١٠١ - ١٠٦).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٥٨).

<<  <   >  >>