للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتغيير كقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم} [الأنعام: ١٥٢] فيشمل جميع الأحكام ولا يخفى ما في الوجهين من التكليف والقول بأن تلك إشارة إلى الأحكام والحد إما بمعنى المنع أو بمعنى الحاجز بين الشيئين، فعلى الأول: يكون المعنى تلك الأحكام ممنوعات الله تعالى عن الغير ليس لغيره أن يحكم بشيء {فَلَا تَقْرَبُوهَا} أي لا تحكموا على أنفسكم أو على عباده من عند أنفسكم بشيء فإن الحكم لله تعالى عز شأنه وعلى الثاني: يريد أن تلك الأحكام حدود حاجزة بين الألوهية والعبودية، فالإله يحكم والعباد تنقاد، فلا تقربوا الأحكام لئلا تكونوا مشركين بالله تعالى لا يكاد يعرض على ذي لب فيرتضيه، وهو بعيد بمراحل عن المقصود كما لا يخفى» (١).

فقد نقل رأي أبي مسلم واعترض عليه أن فيه تكلف.

ب. وأحيانًا يستدل برأي غيره فقط دون أن ينتقده ودون أن يذكر أي رأي أخر.

مثال ذلك: عند تفسير قوله الله عز وجل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} (٢) قال: «ويشير إلى ذلك كلام العلامة البيضاوي في تفسيره الآية لمن أمعن النظر إلا أن ما ذكره عليه الرحمة في أول سبأ من الفرق بين {الحمد للَّهِ الذى لَهُ مَا فِى السموات وَمَا فِي الارض} (٣) وبين {وَلَهُ الحمد فِى الاخرة} (٤) مما محصله أن جملة {لَهُ الحمد} جيء بها بتقديم الصلة ليفيد القصر لكون الإنعام بنعم الآخرة مختصاً به تعالى بخلاف جملة {الحمد للَّهِ الذى لَهُ} الخ فإنها لم يجاء بها بتقديم الصلة حتى لا يفيد القصد لعدم كون الإنعام مختصاً به تعالى مطلقاً بحيث لا مدخل فيه للغير إذ يكون بتوسط الغير فيستحق ذلك لغير الحمد بنوع استحقاق بسبب وساطته آب عنه، إذ حاصل ما ذكره في تلك السورة هو أنه لا قصر في جملة {الحمد للَّهِ الذى لَهُ} الخ بخلاف جملة {لَهُ الحمد}، وحاصل ما أشار إليه في هذه وكذا في الفاتحة هو أن جملة {الحمد للَّهِ} إذا رتب على الأوصاف المختصة كالخلق والجعل المذكورين مفيد للقصر أيضاً غاية ما في البال أن طريق


(١) روح المعاني، (١/ ٤٦٥).
(٢) سورة الأنعام، الآية: (١).
(٣) سورة سبأ، الآية: (١).
(٤) سورة سبأ، الآية: (١).

<<  <   >  >>