للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإمامان اتفقا معًا في توجيه المتشابه، وقد نسب الإمام الألوسي التوجيه للزمخشري، بينما لم يشر الإمام الرازي إلى ذلك.

٢ - اتفق الإمامان في توجيه تكرار حرف الجر (على) في قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} (١)، حيث قال الإمام الرازي: «الفائدة في تكرير الجار في قوله: وعلى سمعهم أنها لما أعيدت للأسماع كان أدل على شدة الختم في الموضعين» (٢).

وقال الإمام الألوسي: «وأعاد جل شأنه الجار لتكون أدلة على شدة الختم في الموضعين فإن ما يوضع في خزانة إذا ختمت خزانته وختمت داره كان أقوى المنع عنه وأظهر في الاستقلال لأن إعادة الجار تقتضي ملاحظة معنى الفعل المعدى به حتى كأنه ذكر مرتين، ولذا قالوا في مررت بزيد وعمرو: مرور واحد، وفي مررت بزيد وبعمرو: مروان، والعطف وإن كان في قوة الإعادة لكنه ليس ظاهراً مثلها في الإفادة لما فيه من الاحتمال» (٣).

بعرض رأي الإمامين يتضح أنهما اتفقا معًا في توجيه المتشابه، وأن تكرار حرف الجر (على) أدل على شدة الختم.

٣ - عند تفسير الإمامين لآية الأمر بدخول القرية في سورة الأعراف: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} (٤).

اتقفا معًا في توجيه إبدال حرف الواو في (وكلوا) بحرف الفاء (فكلوا) في سورة البقرة.

حيث قال الإمام الرازي: «وأما الثاني: فهو أنه تعالى قال في البقرة: ادخلوا هذه القرية فكلوا بالفاء. وقال هاهنا: اسكنوا هذه القرية وكلوا بالواو والفرق أن الدخول حالة مخصوصة، كما يوجد بعضها ينعدم، فإنه إنما يكون داخلا في أول دخوله، وأما ما بعد ذلك فيكون سكونا لا دخولا، إذا ثبت هذا فنقول: الدخول حالة منقضية زائلة وليس لها استمرار فلا جرم يحسن ذكر فاء التعقيب


(١) سورة البقرة، الآية: (٧).
(٢) التفسير الكبير، (٢/ ٥٩).
(٣) روح المعاني، (١/ ١٣٨).
(٤) سورة الأعراف، الآية: (١٦١).

<<  <   >  >>