للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب: قال تعالى في سورة البقرة: يذبحون بغير واو لأنه تفسير لقوله: سوء العذاب وفي التفسير لا يحسن ذكر الواو تقول: أتاني القوم زيد وعمرو. لأنك أردت أن تفسر القوم بهما ومثله قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ} (١)، فالآثام لما صار مفسرا بمضاعفة العذاب لا جرم حذف عنه الواو، أما في هذه السورة فقد أدخل الواو فيه، لأن المعنى أنهم يعذبونهم بغير التذبيح وبالتذبيح أيضا فقوله: ويذبحون نوع آخر من العذاب لا أنه تفسير لما قبله» (٢).

وقال الإمام الألوسي: «وفي «أنوار التنزيل» أن المراد بالعذاب ههنا غير المراد به في سورة البقرة والأعراف لأنه مفسر بالتذبيح والتقتيل ثم ومعطوف عليه التذبيح المفاد بقوله تعالى: {وَيُذَبّحُونَ أَبْنَاءكُمْ} ههنا، وفيه إشارة إلى وجه العطف وتركه مع أن القصة واحدة، وحاصل ذلك أنه حيث طرح الواو قصد تفسير العذاب وبيانه فلم يعطف لما بينهما من كمال الاتصال وحيث عطف لم يقصد ذلك، والعذاب إن كان المراد به الجنس فالتذبيح لكونه أشد أنواعه عطف عليه عطف جبريل على الملائكة عليهم السلام تنبيهاً على أنه لشدته كأنه ليس من ذلك الجنس، وإن كان المراد به غيره كالاستعباد فهما متغايران والمحل محل العطف، وقد جوز أهل المعاني أن يكونا بمعنى في الجميع وذكر الثاني للتفسير، وترك العطف في السورتين ظاهر والعطف هنا لعد التفسير لكونه أوفى بالمراد وأظهر منزلة المغاير وهو وجه حسن أيضًا» (٣).

بعرض رأي الإمامين يتضح أنهما اتفقا معًا في توجيه المتشابه.

٥ - اتفق الإمامان على إبدال حرف الفاء في قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَنظُرُوا} (٤)، بحرف الواو في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنظُرُوا} (٥).


(١) سورة الفرقان، الآية: (٦٨).
(٢) التفسير الكبير، (١٩/ ٨٦).
(٣) روح المعاني، (٧/ ١٨٠).
(٤) سورة ق، الآية: (٦).
(٥) سورة الأعراف، الآية: (١٨٥).

<<  <   >  >>