للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والانبجاس خروجه قليلا. الجواب من ثلاثة أوجه: أحدها: الفجر الشق في الأصل، والانفجار الانشقاق، ومنه الفاجر لأنه يشق عصا المسلمين بخروجه إلى الفسق، والانبجاس اسم للشق الضيق القليل، فهما مختلفان اختلاف العام والخاص، فلا يتناقضان، وثانيها: لعله انبجس أولا، ثم انفجر ثانيا، وكذا العيون: يظهر الماء منها قليلا ثم يكثر لدوام خروجه. وثالثها: لا يمتنع أن حاجتهم كانت تشتد إلى الماء فينفجر، أي يخرج الماء كثيرا ثم كانت تقل فكان الماء ينبجس أي يخرج قليلا» (١).

وقال في الموضع الثاني للمتشابه (سورة الأعراف): «وقوله: فانبجست قال الواحدي: فانبجس الماء وانبجاسه انفجاره. يقال: بجس الماء يبجس وانبجس وتبجس إذا تفجر، هذا قول أهل اللغة، ثم قال: والانبجاس والانفجار سواء، وعلى هذا التقدير فلا تناقض بين الانبجاس المذكور هاهنا وبين الانفجار المذكور في سورة البقرة، وقال آخرون: الانبجاس خروج الماء بقلة، والانفجار خروجه بكثرة، وطريق الجمع: أن الماء ابتدأ بالخروج قليلا، ثم صار كثيرا، وهذا الفرق مروي عن أبي عمرو بن العلاء» (٢).

وقال الإمام الألوسي: «{فَانْبَجَسَتْ} أي: انفجرت كما قال ابن عباس وزعم الطبرسي أن الانبجاس خروج الماء بقلة والانفجار خروجه بكثرة، والتعبير بهذا تارة وبالأخرى أخرى باعتبار أول الخروج وما انتهى إليه» (٣).

بعرض رأي الإمامين يتضح اتفاقهما معًا في توجيه المتشابه.

*عند تفسير الإمامين لآية الأمر بدخول القرية في سورة الأعراف: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} (٤).

اتقفا معًا في توجيه عدة مسائل:


(١) التفسير الكبير، (٣/ ١٠٣).
(٢) التفسير الكبير، (١٥/ ٣٦).
(٣) روح المعاني، (٥/ ٨٣).
(٤) سورة الأعراف، الآية: (١٦١).

<<  <   >  >>