للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

*رابعًا: في بعض الأحيان يأتي بالمتشابه ولا يوجهه، ويرد العلم إلى الله.

ومن ذلك قوله في تفسير قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)} (١): «فإن قال قائل: إن الله تعالى ذكر هذه الآية في سورة المائدة هكذا {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (٢) وَفِي سورة الحج: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (٣) فهل في اختلاف هذه الآيات بتقديم الصنوف وتأخيرها ورفع «الصابئين» في آية ونصبها في أخرى فائدة تقتضي ذلك؟ والجواب: لما كان المتكلم أحكم الحاكمين فلا بد لهذه التغييرات من حكم وفوائد، فإن أدركنا تلك الحكم فقد فزنا بالكمال وإن عجزنا أحلنا القصور على عقولنا لا على كلام الحكيم والله أعلم (٤).

أرى أنه لم يُوضح الفرق بين الآيات الثلاثة فقد ذكر المتشابه ولم يوجهه

*وفي تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} (٥) يقول: «فقال ههنا في قصة أحد في هؤلاء {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُم مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا} وفي قصة بدر {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} (٦)، ففي قصة أحد قدم الأمنة على النعاس، وفي قصة بدر قدم النعاس على الأمنة» (٧).

*فالإمام الرازي ذكر المتشابه اللفظي، ولكنه لم يوجهه وقام بهذا في مواضع أخرى (٨).


(١) سورة البقرة، الآية: (٦٢).
(٢) سورة المائدة، الآية: (٦٩).
(٣) سورة الحج، الآية: (١٧).
(٤) التفسير الكبير، (٣/ ١١٣).
(٥) سورة آل عمران، الآية: (١٥٤).
(٦) سورة الأنفال، الآية: (١١).
(٧) التفسير الكبير، (٩/ ٤٥).
(٨) يُنظر: التفسير الكبير، (١٠/ ٢٤٢)، (١٣/ ٢٣١)، (٢٠/ ٤).

<<  <   >  >>