للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال قبل تلك الآية: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} (١).

والتذكير بأيام الله لا يحصل إلا بتعداد نعم الله تعالى فوجب أن يكون المراد من قوله: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} (٢) نوعًا من العذاب والمراد من قوله: {وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} (٣) نوعًا آخر ليكون التخلص منهما نوعين من النعمة؛ فلهذا وجب ذكر العطف هناك، وأما في هذه الآية لم يرد الأمر إلا بتذكير جنس النعمة وهي قوله: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} (٤) فسواء كان المراد من سوء العذاب هو الذبح أو غيره كان تذكير جنس النعمة حاصلًا فظهر الفرق (٥).

من خلال المثال وبعرض موضعي المتشابه يتضح أن الإمام الرازي قام بتوجيه المتشابه في الآية الأولى (الموضع الأول في سورة البقرة) بشئ من التفصيل، وأعاد التوجيه مرة أخرى في الآية الثانية (الموضع الثاني في سورة إبراهيم)، ولكنه مختصر، وهذا ما قام به في بعض المواضع (٦).

*و. أحيانًا يأتي بتوجيه مختلف للمتشابه في الموضع الثاني عنه في الموضع الأول:

مثال: الآيات في سورتي البقرة والأعراف (الأمر بدخول القرية)، فقد قام في سورة البقرة بتوجيه عشر مسائل من مسائل المتشابه اللفظي في سورة البقرة وأعاد توجيه ثمانية مسائل في سورة الأعراف باختلاف في التوجيه في بعض مسائل المتشابه اللفظي في سورة البقرة عنها في سورة الأعراف (٧)، وقد قام بهذا في مسائل أخرى (٨).


(١) سورة إبراهيم، الآية: (٥).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٤٩).
(٣) سورة إبراهيم، الآية: (٦).
(٤) سورة البقرة، الآية: (٤٠).
(٥) التفسير الكبير، (٣/ ٧٢، ٧٣).
(٦) يُنظر: التفسير الكبير، (٤/ ٦٠)، (١٩/ ١٣٤).
(٧) يُنظر توجيه المتشابه في تفسير سورتي البقرة والأعراف: التفسير الكبير، (٣/ ٩٨ - ١٠١)، (١٥/ ٣٧ - ٣٩).
(٨) يُنظر: التفسير الكبير، (٣/ ٤، ٥)، (١٤/ ٤٨).

<<  <   >  >>