للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام الرازي في هذه المسألة: «والجواب: أن قوله كهيئة الطير أي هيئة مثل هيئة الطير فقوله فتنفخ فيها الضمير للكاف، لأنها صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى وينفخ فيها ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها لأنها ليست من خلقه ولا نفخه في شيء. إذا عرفت هذا فنقول: الكاف تؤنث بحسب المعنى لدلالتها على الهيئة التي هي مثل هيئة الطير وتذكر بحسب الظاهر. وإذا كان كذلك جاز أن يقع الضمير عنها تارة على وجه التذكير وأخرى على وجه التأنيث» (١).

فالإمام ابن الزبير قد نقل رأي الزمخشري في هذه المسألة، واتفق معه الإمام الرازي.

*تأثر الإمام ابن جماعة (ت: ٧٣٣ هـ) بالإمام الرازي في توجيه المتشابه اللفظي في القرآن الكريم

المتأمل في كتاب كشف المعاني في المتشابه من المثاني يجد أن الإمام ابن جماعة قد تأثر بالإمام الرازي في توجيه بعض مسائل المتشابه اللفظي، ونقل منه.

يقول د/ سالم السكري: «الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي المتوفي سنه ٦٠٦ هـ في تفسيره المسمى: مفاتيح الغيب وقد ثأثر به ابن جماعة في عدة مسائل منها: مسالة ١١٠ حيث قال: قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا} (٢) وقال تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} (٣) وقوله تعالى {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (٤)، والأنبياء أولى بذلك منا، فكيف الجمع بين الموضعين؟

جوابه: أن المنفي على ما أظهروه مع ما أبطنوه، معناه لا نعلم حقيقة جوابهم باطنًا وظاهرًا، بل أنت المتفرد بعلم ذلك إلا ما علمتنا، ولذلك قالوا: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (٥) وإنما نعلم ظاهر جوابهم، أما باطنه فأنت أعلم به.


(١) التفسير الكبير، (١٢/ ١٣٤).
(٢) سورة المائدة، الآية: (١٠٩).
(٣) سورة النساء، الآية: (٤١).
(٤) سورة البقرة، الآية: (١٤٣).
(٥) سورة المائدة، الآية: (١٠٩).

<<  <   >  >>