للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيضًا الفرق بين التقديم والتأخير في قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (١).

وقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (٢).

فقد قال الإمام ابن جماعة: «قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا}، ثم قال: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} قدم (الزَّانِيَةُ) أولًا و (الزَّانِي) ثانيًا؟

جوابه: أن المرأة هي الأصل في الزنا غالبًا لتزينها وتطميع الرجل بها، وقيل: لأن شهوة النساء أشد من الرجال، فلذلك قدمها أولًا، وقدم الرجل ثانيًا، لأن الرجل هو الأصل في عقد النكاح لأنه الخاطب، فناسب ما ذكرناه تقديم النساء أولًا والرجال ثانيًا» (٣).

وقال الإمام الرازي: «لم قدمت الزانية على الزاني في الآية المتقدمة وهاهنا بالعكس الجواب: سبقت تلك الآية لعقوبتها على جنايتها، والمرأة هي المادة في الزنا، وأما الثانية فمسوقة لذكر النكاح والرجل أصل فيه لأنه هو الراغب والطال» (٤).

مما سبق يتضح أن الإمام ابن جماعة قد تأثر في توجيهه لهذه المسألة بالإمام الرازي.


(١) سورة النور، الآية: (٢).
(٢) سورة النور، الآية: (٣).
(٣) كشف المعاني في المتشابه من المثاني، (ص: ٢٦٩ - ٢٧٠).
(٤) التفسير الكبير، (٢٣/ ١٥٢).

<<  <   >  >>