للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

*تأثر الإمام زكريا الأنصاري (ت: ٩٢٦ هـ) بالإمام الرازي في توجيه المتشابه اللفظي في القرآن الكريم:

المتأمل في كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن يجد أن الإمام ابن جماعة قد تأثر بالإمام الرازي في توجيه بعض مسائل المتشابه اللفظي، ونقل منه.

خاصةً في بعض المسائل التي لم يواجهها أحد من علماء المتشابه اللفظي وانفرد بها الإمام الأنصاري عن علماء المتشابه اللفظي مما يقوي القول إن الإمام الأنصاري قد تأثر في توجيهها بالإمام الرازي.

ومن هذه المسائل:

انفرد الإمام الأنصاري عن علماء المتشابه اللفظي بتوجيه الفرق بين قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (١)، وقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (٢).

قال الإمام الأنصاري: «قوله تعالى: (فَاتَّقُوا النَّارَ) إن قلت: كيف عرف النار ههنا، ونكرها في التحريم؟

قلت: لأن الخطاب في هذه مع المنافقين، وهم في أسفل النار المحيطة بهم، فَعُرِّفت بلام الاستغراق، أو العهد الذهني، وفي تلك مع المؤمنين، والذي يُعذَّب من عصاتهم بالنَّار، يكون في جزءٍ من أعلاها، فناسب تنكيرها لتقليلها.

وقيل: لأن تلك الآية نزلت قبل هذه بمكة، فلم تكن النار التي وقودها الناس والحجارة معروفة فنكرها ثمَّ، وهذه نزلت بالمدينة فعُرِّفَتْ، إشارة إلى ما عرفوه أولًا. ورُدَّ هذا بأن (آية التحريم) نزلت بالمدينة بعد الآية هنا» (٣).


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٤).
(٢) سورة التحريم، الآية: (٦)، نوع المتشابه في هذه المسألة: متشابه بالتعريف والتنكير، تعريف النار في سورة البقرة وتنكيرها في سورة التحريم.
(٣) فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن، لأبي يحيى الأنصاري، تحقيق: محمد على الصابوني، دار القرآن الكريم، بيروت، الطبعة الأولى (ص: ١٩ - ٢٠).

<<  <   >  >>