للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام الرازي في هذه المسألة: «فلم جاءت النار الموصوفة بهذه الجملة منكرة في سورة التحريم وهاهنا معرفة؟ الجواب: تلك الآية نزلت بمكة فعرفوا منها نارا موصوفة بهذه الصفة ثم نزلت هذه بالمدينة مستندة إلى ما عرفوه أولا» (١).

فالإمام الأنصاري ذكر رأيين، الرأي الثاني بصيغة "قيل" وهو رأي الإمام الرازي؛ ولكن الإمام الأنصاري لم يتفق معه.

ومن ذلك أيضًا: انفرد الإمام الأنصاري عن علماء المتشابه اللفظي بتوجيه المتشابه في قوله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} (٢).

قال الإمام الأنصاري: «قوله تعالى: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} قلت: ما فائدته مع علمه ممَّا قبله؟ قلت: فائدته التوكيد، والعلم بأن العشر ليال، لا ساعات، ورفع توهم أن العشر داخلةٌ في الثلاثين، بمعنى أنها كانت عشرين وأُتَّمت بعشر» (٣).

قال الإمام الرازي في هذه المسألة: «أنه تعالى إنما قال: (أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) إزالة لتوهم أن ذلك العشر من الثلاثين لأنه يحتمل أتممناها بعشر من الثلاثين، كأنه كان عشرين، ثم أتممه بعشر، فصار ثلاثين، فأزال هذا الايهام» (٤).

فقد تأثر الإمام الأنصاري في توجيهه لهذه المسألة بالإمام الرازي.

وأيضًا في قول الله عز وجل: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} (٥).

قال الإمام الأنصاري: «قوله تعالى: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} فإن قلت: ما الحكمة في تقديم الشفاعة هنا، وعكسه فيما يأتي؟


(١) التفسير الكبير، (٢/ ١٣٣).
(٢) سورة الأعراف، الآية: (١٤٢).
(٣) فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن، (ص: ٢٠٧).
(٤) التفسير الكبير، (١٤/ ٢٣٦).
(٥) سورة البقرة، الآية: (٤٨).

<<  <   >  >>