فامض، لكنما ستسمع صوتي...صارخا:(يا أخي) يؤدي الرسالة
وسيأتيك أين كنت صدى حبي...فتدري جماله وجلالة
وتشتد في تلك الديار وطأة الحياة المادية على يوسف أسعد غانم، فيسأم هذه الحياة المثقلة بالأعباء، الغارقة في لجة التيار المادي الجاف العنيف، لا ترف عليها نسمة ندية من روحانية أو تآخ أو تعاطف، فتتفجر في نفسه ينابيع الشوق والحنين إلى الأرض العربية في ديار الإسلام، حيث مهبط النبوات، ومصدر الروحانيات، وموطن الحب والتآخي والصفاء، وإذا هو يتمنى أن يعيش في خيمة عربية، ويترك دنيا الحضارة وما فيها من صخب وضجيج وأضواء، فيقول:
((ولو تبخر عمري كله قصيرا في أي صعيد عربي، لحمدت الله على حياة قصيرة عريضة في دنيا يقيم الله في قلوب أبنائها ... لقد تعبت في الغرب حتى ملني التعب، خذوا السيارة والطيارة، وأعطوني جملا وحصانا، خذوا الدنيا الغربية، أرضا وبحرا وسماء، وأعطوني خيمة عربية أنصبها على إحدى روابي وطني لبنان، على ضفاف بردى، على شواطىء الرافدين، في أرباض عمان، في الصحراء السعودية، في مجاهل اليمن، في سفح الأهرام، في واحات ليبيا، أعطوني خيمة عربية لأضعها في كفة، وأضع الدنيا في كفة، وأنا الرابح .... )).
والنصوص التي تعزف هذه النغمة كثيرة جدا في أدب المهجر، أكتفي منها بهذين النصين، وكلها تصور ظمأ المهاجرين إلى الري العاطفي الذي افتقدوه في عالم الغرب المادي، ففجر فقده في نفوسهم ينابيع الشوق والحنين