للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الشرق الذي أشاع الإسلام فيه المحبة والأخوة والتعاطف والتكافل ...

وكلما حبب الإسلام في لقاءات الإخوة، وندبهم إلى التنافس في الكرم والبذل والسخاء فيما يوثق عروة الأخوة بينهم، حتى أصبح الجود والإنفاق على الإخوة خلقا أصيلا فيهم، جعل قبول دعوة الأخ المسلم من أخيه واجبا عليه، لا ينبغي التقصير فيه. وكان الصحابة رضوان الله عليهم يلبون داعي الأخوة، ويجيبون أخاهم إذا دعاهم، بل يرون إجابته حقا له واجبا عليهم، يأثمون إن هم قصروا في أدائه، يشهد لذلك الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في الأدب المفرد عن زياد بن أنعم الإفريقي، قال: ((كنا غزاة في البحر زمن معاوية رضي الله عنه، فانضم مركبنا إلى مركب أبي أيوب الأنصارى رضي الله عنه، فلما حضر غداؤنا أرسلنا إليه، فأتانا، فقال: دعوتموني وأنا صائم، فلم يكن لي بد من أن أجيبكم، لأني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن للمسلم على أخيه ست خصال واجبة، إن ترك منها شيئا فقد ترك حقا واجبا لأخيه عليه: يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه ويشمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويحضره إذا مات، وينصحه إذا استنصحه)).

بل إنهم ليرون في إباء المسلم دعوة أخيه من غير عذر معصية لله ولرسوله، نص على ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله:

((شر الطعام طعام الوليمة، يمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله)) (١).

إن أخوة الإيمان ليست شعارات ترفع، ولا تبجحا يقصد به الإعلان والدعاية، وإنما هي رابطة مقدسة لها التزاماتها وتكاليفها وحقوقها، يعرف هذا


(١) رواه مسلم.

<<  <   >  >>