للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو مواجهة أو مجابهة، فباللين والرفق وحسن التأتي تنفتح مغاليق القلوب، وتخشع الجوارح، وتلين النفوس. ومن هنا نهى الإسلام عن التجسس وتتبع عورات المسلمين. قال الله تعالى: {وَلَا تَجَسَّسُوا ... } (١).

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه أتي برجل فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمرا، فقال: إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به)) (٢).

ذلك أن تتبع عورات المسلمين، والتجسس عليهم، والتنقيب عن لحظات ضعفهم وتقصيرهم، والتشهير بهم، يؤذي المسلمين المشهر بهم، ويؤذي بالتالي المجتمع الكبير الذي يعيشون فيه، فما شاعت الفاحشة في مجتمع، وكثرت في أعضائه الأقاويل، إلا دب فيه الانحلال، وهانت المعصية، وانتشرت البغضاء، وسرى الكيد، واستكنت الضغينة، وعم الفساد. وقد أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك كله بقوله:

((إنك إن اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم)) (٣).

ومن هنا اشتد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تنبيه المسلمين إلى خطورة الولوغ في أعراض الناس، والتنقيب عن عوراتهم، مهددا من يستهين بذلك بهتك الستر عنه، وفضحه في جوف بيته، فقال:

((لا تؤذوا عباد الله، ولا تعيروهم، ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من تطلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته)) (٤).

وفي رواية عن ابن عباس تصور انفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشدته على هؤلاء الوالغين في الأعراض يقول فيها:


(١) الحجرات: ١٢.
(٢) رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم.
(٣) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
(٤) رواه أحمد بإسناد حسن.

<<  <   >  >>