للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((النائحة إذا لم تتب قبل فوتها تقام يوم القيامة، وعليها سربال (١) من قطران ودرع من جرب)) (٢).

أما الدموع التي تنهمر من الأعين، تحكي ما يعتلج في القلب من نار الألم واللوعة، فلا تثريب على الباكين فيها ما لم يصاحبها ندب ونياحة وصياح وما إلى ذلك من أفعال محرمة، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد سعد بن عبادة، ومعه عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، فبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى القوم بكاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكوا، فقال: ((ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم)) وأشار إلى لسانه (٣).

وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع إليه ابن ابنته، وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال:

((هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)) (٤).

وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على ابنه إبراهيم، وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال:

((يا بن عوف، إنها رحمة)) ثم أتبعها بأخرى، فقال: ((إن العين تدمع،


(١) أي قميص.
(٢) رواه مسلم.
(٣) متفق عليه.
(٤) متفق عليه.

<<  <   >  >>