للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأكل بيمينه، ويتناول اللقمة بيساره، فاتبعوه دونما تعديل، فإذا هم يأكلون بيسارهم مخالفين بذلك هدي دينهم، ولم يكلفوا أنفسهم أن ينقلوا الشوكة إلى اليمين، والسكين إلى اليسار، ليأكلوا بيمينهم خشية أن يخدش (الإتيكليت) الغربي. وهذا لون من ألوان الهزيمة النفسية التي منيت بها أمتنا أمام ما يفد إلينا من أشياء مستحدثة، نعكف على تطبيقها دونما تعديل أو تكييف يوائم شخصيتنا وديننا وقيمنا الأصيلة. والمسلم الحق بعيد عن هذا التقليد الببغاوي الأعمى التافه الهزيل.

إن المسلم الواعي البصير المعتز بهدي دينه القويم وأدبه العالي الرفيع

في شؤون الحياة كافة ليعمد إلى الأكل باليمين، داعيا إلى ذلك، ولا يخجل أن يجهر به في المحافل والمجتمعات التي لا تزال تتمسك بحرفية ما جاءنا من الغرب، حتى يتنبه الغافلون واللامبالون، ويثوبون إلى رشدهم في اتباع هدي السنة النبوية المطهرة في التيامن في الطعام والشراب.

وأما المسألة الثالثة، فهي أكله مما يليه، عملا بأدب الإسلام في تناول الطعام. وقد جاء به الأمر النبوي أيضا صريحا واضحا مع التسمية والأكل باليمين في أحاديث كثيرة، ومنها قوله فيما رواه عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال: كنت غلاما في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، وكانت يدي تطيش في الصحفة (٢)، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

((يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك)) (٣).

وإذا تناول المسلم طعامه بيده تناوله برفق ولطف وتهذيب، كما كان يفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، إذ كان يتناول طعامه بأصابع ثلاث، ولا يغمس يده كلها


(١) أي تحت نظره.
(٢) أي تتحرك وتمتد إلى نواحي الصحفة، وهي الإناء.
(٣) متفق عليه.

<<  <   >  >>