للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجليلة، ما كان يشغله هذا كله عن أن يكون زوجا مثاليا مع زوجاته في حسن المعاشرة، وسماحة الخلق، وطلاقة الوجه، ولطف المداعبة والمرح.

فمن ذلك ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: ((أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بحريرة قد طبختها له، فقلت لسودة رضي الله عنها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بيني وبينها: كلي، فأبت، فقلت: لتأكلن، أو لألطخن وجهك، فأبت فوضعت يدي في الحريرة، فطليت وجهها، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوضع بيده لها، وقال لها: الطخي وجهها ... وفي رواية: فخفض لها ركبته لتستقيد مني، فتناولت من الصحفة شيئا، فمسحت به وجهي، ورسول - صلى الله عليه وسلم - يضحك)) (١).

أرأيت إلى هذا الخلق الرضي، والسماحة الطليقة، والقلب الكبير، في مداعبة المرأة وممازحتها وحسن معاشرتها، وإدخال السرور والمرح على قلبها؟.

وتروي السيدة عائشة أنها كانت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فسابقته فسبقته. فلما حملت اللحم وبدنت سابقته فسبقها، فقال: هذه بتلك السبقة (٢).

ويتسع صدره الشريف لإدخال المزيد من السرور على قلب زوجته الحبيبة الشابة، فيدعوها لحضور ضروب من اللهو البريء، ترفه بها عن نفسها، وتستمتع بمشاهدتها. من ذلك ما روته السيدة عائشة: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان جالسا، فسمع ضوضاء الناس والصبيان، فإذا حبشية ترقص والناس حولها، فقال: يا عائشة، تعالي فانظري، فوضعت خذي على منكبيه،


(١) الهيثمي ٤/ ٣١٦، والمنتخب ٤/ ٣٩٣، وكنز العمال ٧/ ٣٠٣، وقال الهيثمى: رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح، خلا محمد بن عمرو بن علقمة، وحديثه حسن.
(٢) حديث صحيح، رواه أحمد وأبو داود.

<<  <   >  >>