للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجعلت أنظر ما بين المنكبين إلى رأسه، فجعل يقول: يا عائشة، أما شبعت، أما شبعت؟ فأقول: لا، لأنظر منزلتي عنده، فلقد رأيته يراوح بين قدميه)) (١).

وقالت السيدة عائشة في رواية أخرى: ((والله لقد رأيت النبيي - صلى الله عليه وسلم - يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم بين أذنه وعاتقه، ثم يقوم من أجلي، حتى أكون أنا التي أنصرف. فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو)) (٢).

إن المسلم الحق لا يسعه إذ يرى سيرة الرسول الكريم مع زوجاته حافلة بحسن المعاشرة والممازحة والتبسط، إلا أن يكون مع زوجته طيب العشرة، موطأ الكنف، لين الجانب، كريم الخلق، واسع الصدر، ما دام تبسطه وترخصه معها في حدود المتعة الحلال، والترفيه البريء المباح.

والمسلم التقي الحصيف لا ينفعل وتثار ثائرته للأسباب التافهة التي تنتفخ

لها أوداج الأزواج الجهلة، إذ يقيمون الدنيا ويقعدونها إذا جاءت طبخة الطعام على غير مزاجهم، أو تأخرت وجبة الطعام عن وقتها المحدد، أو نحو ذلك من الأسباب التي كثيرا ما تقدح شرارة الغضب والخصام والنفور بين الزوجين؛ ذلك أن المسلم الحق المتأسي بأخلاق الرسول الإنسان العظيم ليذكر دوما من أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - ما يجعله كريما حليما متسامحا.

إنه ليذكر من شمائل الرسول الكريم أنه ((ما عاب طعاما قط: إن اشتهاه

أكله، وإن كرهه تركه)) (٣).


(١) رواه النسائي من طريق يزيد بن رومان عن عائشة. وانظر الروايات المختلفة فيه عنها في فتح الباري: كتاب العيدين.
(٢) رواه الشيخان.
(٣) متفق عليه.

<<  <   >  >>