للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنها كذلك فقد كانت قراءة القران وحفظه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم لا تحتاج إلى التصريح حديثيا بأنها قد تمت، لضرورة ذلك بما علم من حال المسلمين، وطبيعة الرسالة، وغلبة الحافظة عليهم، والأهمية التي كانت تلقاها الايات النازلة وحيا من الله عزّ وجلّ ... ولذا فالتصريح القائم في الأحاديث لزيادة أهمية المصرّح بهم لا لضرورة التصريح، ولذلك كان الصحابة حتى المتأخرون منهم يختلفون في قراءة القران لعدم العلم بتقرير نزوله على الأحرف السبعة ... دلالة على إتقانهم لحرف واحد منه على الأقل ... وأذعن لهذه الحقيقة بعض الباحثين الأوروبيين فقال:

«فور تنزيل القران، وأولا بأول، كان النبي صلّى الله عليه وسلم والمؤمنون من حوله يتلونه عن ظهر قلب وكان الكتبة من صحبه يدوّنونه. إذن فالقران يتمتاع، منذ البداية، بعنصري الصحة هذين اللذين لا تتمتاع بهما الأناجيل، وظل الأمر هكذا حتى مات النبي صلّى الله عليه وسلم وفي عصر لا يستطيع فيه الكل أن يكتب، وإن كان يستطيع أن يحفظ عن ظهر قلب، تصبح التلاوة ذات فائدة لا تقدّر، وذلك لإمكانيات التحقيق العديدة التي تعطيها ساعة التثبيت النهائي للنص» «١» .

٥- تنافس الصحابة رضي الله عنهم في حفظ القران الكريم:

وقد كان كتاب الله جل جلاله بالنسبة للصحابة رضي الله عنهم «في المحل الأول من عنايتهم يتنافسون في استظهاره، وحفظه، ويتسابقون إلى مدارسته، وتفهمه، ويتفاضلون فيما بينهم على مقدار ما يحفظون منه وربما كانت قرة عين السيدة منهم أن يكون مهرها في زواجها سورة من القران يعلمها إياها زوجها، وكانوا يهجرون لذة النوم وراحة الهجود إيثارا للذة القيام به في الليل والتلاوة له في الأسحار والصلاة به


(١) الإسلام والوجه الاخر للفكر الغربي (قراات) ص ٩٦ نقلا عن موريس بوكاي في كتابه (القران الكريم والتوراة والإنجيل والعلم) .

<<  <   >  >>