للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الكسائي فكان مولى هؤلاء الأسديين وربيبهم فهذا سبب إكثار حمزة والكسائي من الإمالة، إذ كان ذلك- في جماع من القول- «بهدى من شيوخهما الذين عنهم يقران، وبيئتهما التي كانا فيها يضطربان ويعيشان» «١» ، وقد قيل للكسائي: إنك تميل ما قبل هاء التأنيث فقال: هذا طباع العربية.

وأما عاصم فقرأ على شيخين كبيرين: على أبي عبد الرحمن السلمي عن علي، وهو يؤثر الفتح، وأقرأ قراءته هذه لحفص، والاخر هو زر بن حبيش عن ابن مسعود، ويؤثر عنه الإمالة، وأقرأ قراءته هذه لشعبة «٢» ... وعلى ما ذكرنا عن هؤلاء القراء تعليل ظهور الإمالة عند غيرهم.

والإمالة في هاء التأنيث وما شابهها من نحو (همزة، ولمزة، وخليفة، وبصيرة) هي لغة الناس اليوم والجارية على ألسنتهم في أكثر البلاد شرقا وغربا وشاما ومصرا لا يحسنون غيرها ولا ينطقون بسواها يرون ذلك أخف على لسانهم وأسهل في طباعهم وقد حكاها سيبويه عن العرب «٣» .

فلا يرد هذا السؤال: هل كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقرأ بالإمالة.. «٤» . أصلا لأنه سؤال عن صفة ذاتية للحرف عند قطاع عريض من العرب الفصحاء، وقد ورد عن «إبراهيم النخعي قال: كانوا يرون أن الألف والياء في القراءة سواء يعني بالألف والياء والتفخيم والإمالة فدل ذلك دلالة قاطعة على تساوي اللغتين وأنهما عند كل الصحابة رضوان الله عليهم في الفشو والاستعمال سواء، فلا وجه لاختيار شيء من ذلك وتفضيله على الاخر» «٥» .


(١) انظر: الإمالة في القراات واللهجات العربية ص ١٢٧، مرجع سابق.
(٢) غاية النهاية (١/ ٣٤٨) ، مرجع سابق، وانظر: الإمالة في القراات واللهجات العربية ص ١٢٣، مرجع سابق.
(٣) النشر في القراات العشر (٢/ ٨٢) ، مرجع سابق.
(٤) راجع: الإمالة في القراات واللهجات العربية ص ٥٥، مرجع سابق.
(٥) جمال القراء وكمال الإقراء ٢/ ٥٠٤ بتصرف، مرجع سابق.

<<  <   >  >>