للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ما ورد عن زيد بن ثابت أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال أنزل القران بالتفخيم كهيئة الطير عذرا أو نذرا والصدفين ألا له الخلق والأمر وأشباهها «١» ، فهو- حال صحته- قد بين المعنى وأن المراد بالتفخيم المعنوي ولذا أدخل قوله سبحانه وتعالى: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ (الأعراف: ٥٤) ، وليس المراد تحريك السواكن دون سكونها، ولا الفتح دون الإمالة.

وكل ما سبق أمثلة لما يستنكره بعضهم اليوم ويستوحشون من وجوده في القراات، والمرء عدو ما جهل ... ويقاس عليه ما لم يذكر كصلة ميم الجمع.. وفي الأصل تفصيل كثير في هذا الباب.

وأما كراهة الإمام أحمد- رحمه الله تعالى- لبعض القراات:

فهي كراهة قلبية وليس تحريما أصليا لعدم شيوع ما سمع على لسانه في عصره، وذلك كما يميل البعض إلى قراءة دون قراءة «وأثنى أحمد على قراءة أبي عمرو غير أنه كره إدغامه الكبير ... » «٢» ، «ونقل عن أحمد أنه كان يختار قراءة نافع من طريق إسماعيل بن جعفر، قال: فإن لم يكن فقراءة عاصم من طريق أبي بكر بن بكر بن عياش، وأثنى على قراءة أبي عمرو بن العلاء، ولم يكره قراءة أحد من العشر إلا قراءة حمزة والكسائي لما فيها من الكسر الإدغام والتكلف وزيادة المد، قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله إمام كان يصلي بقراءة حمزة أصلي خلفه قال: لا يبلغ به هذا كله ولكنها لا تعجبني قراءة حمزة» «٣» ، ويعود الإعجاب وعدمه هنا إلى التفضيل القلبي، والصحيح جوازه ولذا قال سويد: مضيت أنا


(١) المستدرك (٢/ ٢٦٤) ، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» .
(٢) المبدع (١/ ٤٤٥) ، مرجع سابق.
(٣) المغني (١/ ٢٩٢) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>