قال في رواية هدبة عن حماد عن قتادة: نا خلاد الجهني: هو خطأ، خلاد قديم، ما رأى قتادة خلادًا.
وذكر أبو حاتم: أن بقية بن الوليد كان يروي عن شيوخ ما لم يسمعه، فيظن أصحابه أنه سمعه، فيروون عنه تلك الأحاديث ويصرحون بسماعه لها من شيوخه ولا يضبطون ذلك.
وحينئذ فينبغي التفطن لهذه الأمور، ولا يغتر بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد.
فاتفاق هؤلاء الأئمة على قولهم هذا، يقتضي حكاية إجماع الحفاظ المعتد بهم على هذا القول، وأن القول بخلاف قولهم لا يعرف على أحد من نظرائهم، ولا عمن قبلهم ممن هو في درجتهم وحفظهم.
ويشهد لصحة ذلك حكاية أبي حاتم كما سبق اتفاق أهل الحديث على أن حبيب بن أبي ثابت لم يثبت له السماع من عروة، مع إدراكه له.
وحكى ابن عبد البر نحوه عن العلماء.
فلا يبعد حينئذٍ أن يقال: هذا هو قول الأئمة من المحدثين.
فإن قال قائل: هذا يلزم منه طرح أكثر الأحاديث وترك الاحتجاج بها! ؟
قيل: من هاهنا عظم ذلك على مسلم رحمه الله.
والصواب: أن ما لم يرد فيه السماع من الأسانيد لا يحكم باتصاله، ويحتج به مع إمكان اللقي، كما يحتج بمرسل أكابر التابعين، كما نص عليه الإمام أحمد.
ويرد على ما ذكره مسلم: أنه يلزمه أن يحكم باتصال كل حديث رواه من ثبت له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم بل هذا أولى، لأن هؤلاء ثبت لهم اللقي، وهو يكتفي بمجرد إمكان السماع.
ويلزمه أيضًا الحكم باتصال حديث كل من عاصر النبي صلى الله عليه وسلم وأمكن لقيه له إذا روى عنه شيئًا، وإن لم يثبت سماعه منه، ولا يكون حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وهذا خلاف إجماع أئمة الحديث، والله أعلم.