البله جمع أبله، وهو ضعيف العقل، بعضهم يقول: هذا الأبله ضعيف، هذا الأبله ولي من أولياء الله، اتركه، وبعضهم يقول: إن هذا الشخص الذي تجده أبله ضعيف العقل، ولا يعرف شيئا، تجده مخرق الثياب، طويل الشعور والأظافر، مرمي على زبالة، يقول: ما تدري لعل هذا قطب يدبر في الكون، يدبر الكون، أحد الأقطاب أحد الأقطاب، هذا قطب يدبر الكون، وهو مخرق الثياب، ولو كان أبله من اعتقد في البله، وهم المغفلون أو المولعون خرقه من كثرة العبادة والرياضة، أنهم من أولياء الله، مع تركه لمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله، أو فضله على متبع طريقة الرسول، فهو ضال مبتدع مخطئ في اعتقاده.
والسبب في ذلك؛ لأن ذلك الأبله ضعيف العقل لا يخلو من حالات ثلاث، إما أن يكون شيطانا زنديقا، وإما أن يكون ملبسا متحيلا، وإما أن يكون مجنونا معذورا واحد من ثلاثة: إما أن يكون شيطانا زنديقا، إما أن يكون ملبسا متحيلا، وإما أن يكون مجنونا معذورا، فكيف يفضل على أولياء الله المتبعين لرسوله، أو يساوى بهم، وبعضهم يسوق حديث: (اطلعت على الجنة فرأيت أكثر أهلها البله)
جمع أبله، وهو ضعيف العقل، هذا الحديث باطل سندا ومتنا، أما سندا: فإنه لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينبغي نسبته إليه، وأما متنا، فإن الجنة إنما خلقت لأولي الألباب الذين أرشدتهم عقولهم وألبابهم من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وقد ذكر الله أهل الجنة بأوصاف في كتابه، فلم يذكر في أوصافهم البله الذي هو ضعف العقل، وتصحيح الحديث، صواب الحديث: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم (اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء) ولا يقول: البله، وهذا يرجع إلى أن المال أشد في صرف الإنسان عن الدين وطغيانه من الفقر.
الطائفة الملامية: طائفة من الصوفية يسمون الطائفة الملامية الطائفة الملامية، والطائفة الذين يصعقون عند سماع الأنغام الحسنة، الملامية الطائفة الملامية ثلاثة أنواع، تطلق على ثلاثة أنواع: النوع الأول تطلق على الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، وهم الذين لا يبالون بلوم، اللوم في ذات الله والقيام بأمره والدعوة إليه، وهم الذين قال الله فيهم: {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} وهؤلاء ممدوحون أبرار.
ثانيا: النوع الثاني تطلق على التي إذا وقعت في سيئة لامت نفسها، وأنبتها، وهذه محمودة أيضا.
النوع الثالث: تطلق الملامية على الذين يفعلون ما يلامون عليه، ويظهرون ما لا يمدحون عليه، وهي التي تخفي فعل الخير والمحامد، وتظهر فعل الشر، ويقصدون بذلك مخالفة المرائين، وهو من يظهر الخير، ويضمر الشر، وهذه الطائفة مذمومة، وهم جماعة من الصوفية لهم طريقة معروفة تسمى طريقة أهل الملامة، يعني: تجد الواحد منهم يقول: أنا أصلح باطني ولا علي من الظاهر، فتجده يذهب يسرق حتى يلومونه الناس ويذمه الناس، يقول: أنا باطني صالح، لكن ما علينا خلي الناس يذمونه، ما علينا يسرق أمام الناس، ويفعل، يفعل أشياء، ويزعمون أنهم يحتملون ملام الناس لهم على ما يظهرونه من الأعمال السيئة؛ ليخلص لهم ما يبطنونه من الأحوال، يقول: أنا أعمل أشياء في الظاهر يذمني الناس عليها ويلوموني حتى يصلح باطني.
الرد عليهم: إن هؤلاء أذلوا أنفسهم، وفي الحديث: (لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه)
ثانيا: أن هؤلاء ردوا باطن الأمور، وهم يقولون: نريد أن نخالف المرائي، المرائي يظهر الخير، ويبطن الشر، نحن بالعكس نظهر الشر ونبطن الخير.
نقول لهم: أأنتم رددتم باطل المرائين بباطل آخر، والباطل لا يرد بالباطل، والصراط المستقيم بين ذلك، حسن في ظاهره كالمرائين، وحسن في باطنه كالملامية.
حكم الذين يصعقون عند سماع الأنغام الحسنة، وهو تصنع ومظاهرة ومخداعة للناس، أو ترنح بأن يدور، وهو يذكر، فيختل عقله، ثم يصعق، ويسقط، هؤلاء المبتدعون ضالون؛ إذ ليس للإنسان أن يستدعي ما يكون سبب زوال عقله.
ثانيا: لأنه لم يكن في الصحابة والتابعين من يفعل ذلك، ولو عند سماع القرآن، وهو خير منا، فكيف نصل إلى ما لم يصلوا إليه؟ بل كانوا، بل كان الصحابة كما وصفهم الله: {إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) } وكما قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ}
هناك بعض المجانين ذكرهم العلماء بخير، الذين ذكرهم العلماء من عقلاء المجانين بخير، هؤلاء قوم كان فيهم خير، ثم زالت عقولهم، فيبدو على ألسنتهم أيام الجنون من الكلمات الخيرية في أيام الصحوة.