بين الفرق من أنّ حروراء موضع بالشّام، فيشبه أن يكون وهما، لما أسلفنا من كلام الأئمة، ولتفرده فيما أعلم بهذا القول؛ ولأنّ عليا إنّما كان بالكوفة، وقتالهم له كان هناك، ولم يأت أنّه قاتلهم بالشام؛ ولا أنهم بعدوا عنه، إنّما كان يرسل إليهم رجلا بعد آخر، فيناظرهم على شبهتهم، والله أعلم.
وأمّا قول الشهرستاني: إن رأسهم كان ابن الكواء وعتاب فهو غير صواب، لما ذكره من أسلفنا قوله: كان رئيسهم ابن الكواء وحرقوص، وإنما الذين عددهم كانوا رؤوسا في قومهم كبارا، قال الشهرستاني: وكبار فرقهم ستة الأزارقة، والصفرية، والنجدات، والعجاردة، والإباضية، والثعالبة، والباقون فروع وهم: البيهسية، الصلتيّة، والميمونية، والحمزية، والخلفية، والأطرافيّة، والشّعيبية، والخازمية، والأخنسية، والمعبدية، والرشيدية، والشيبانية، والمكرمية، والمعلومية، والحفصية، والحارثية، واليزيدية، والزيادية، ويجمعهم القول، بالتبرئ من عثمان، وعلي، ويقدمون ذلك على كل طاعة، ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك، ويكفرون أصحاب الكبائر، ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة، وجوزوا أن لا يكون في العالم إمام أصلا، وإن احتيج إليه فيجوز أن يكون عبدا، أو حرا، أو نبطيا، أو قرشيا، وحكى القرطبي أنهم يرون على الحائض قضاء الصلاة إذ لم تسقط عنها في كتاب الله تعالى على أصلهم في ردّ السنة، على خلاف بينهم في هذه المسألة، وقد أجمع المسلمون على خلافهم، وأنه لا صلاة تلزمها، ولا قضاء عليها، وقيل: إنّ عائشة إنما قالت لها ذلك لمخالفتهم السنة، وخروجهم عن الجماعة، فخافت عليها عائشة، فقالت لها ذلك؛ لأنّ السنّة بخلاف ما سألت، وحكي عن سمرة أّنه كان يأمر أهله بقضاء الصلاة في الحيض، فأنكرت عليه أم سلمة، وذكر النووي رحمه الله أنّها لا تقضي في زمن الحيض شيئا إلا ركعتي الطواف.