١٧٧ - حدثنا محمد بن المصفي الحمصي، ثنا محمد بن حمير، عن ابن لهيعة، حدّثني يزيد بن عمرو المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن المستورد بن شداد، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره.
هذا حديث قال فيه أبو عيسى: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة، ولفظه: دلك أصابع رجليه بخنصره.
وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد عن المستورد، قال نحو كلامه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير وجه بغير هذا اللفظ، وفيما قالاه نظر؛ لما سنذكره بعد، وذكره العسكري في معرفة الصحابة، وشرطه أن يذكر أحسن ما روى ذلك الصحابي فاعرفه.
ولما ذكره المنذري وعبد الحق وغيرهما ضعفوه بابن لهيعة، وتتبع ذلك أبو الحسن علي بن أبي محمد، فقال: رواه غيره فصح، وهو ما ذكره ابن أبي حاتم: أنبأنا أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب، قال: سمعت عمي، سمعت مالكا يسأل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء، فقال: ليس ذلك على الناس، قال: فتركته حتى خف الناس، فقلت له: عندنا في ذلك سنة، فقال: ما هي؟ قلت: ثنا الليث وابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن عمرو المعافري، عن أبي عبد الرحمن .. فذكره، فقال: إن هذا الحديث حسن، ما سمعت به قط إلا الساعة، ثم سمعته بعد ذلك سُئِلَ، فأمر بتخليل الأصابع.
الثالث: ما ذكرهَ من تفقد سماع ابن أبي حاتم من أحمد بن عبد الرحمن - مردود بأمرين:
الأول: أنّ ابن أبي حاتم ليس مدلسا وقد صرح بالتحديث المشعر بالسماع، وذلك مقبول إجماعًا من المدلسين، فكيف من غيرهم؟! ولئن سلمنا له ما قاله من أنه روى عنه بالإجازة كان أيضًا متصلًا عند جماهير أهل العلم من المحدثين وغيرهم، حتى قالَ أبو الوليد الباجي: لا خلاف في جواز الرواية بالإجازة من سلف هذه الأمة وخلفها، وادّعى الإِجماع من غير تفصيل، وحَكى الخلاف في العمل، ورد عليه ادعاء الإِجماع برواية عن الشافعي رواها عنه الربيع بن سليمان، ثم قال: وأنا أخالفه في ذلك، وتبع الشافعي القاضي حسين والماوردي والإِمام أبو إسحاق الحربي وأبو الشيخ وأبو نصر السجزي وغيرهم.
الثاني: مجيء هذا الحديث بعينه من غير روايته من طريق صحيحة، ذكرها أبو الحسن الدارقطني في كتاب غرائب حديث مالك، عن أبي جعفر الأسواني، عن أبي بشر محمد بن أحمد الدولابي قال: ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال: سمعت عمي فذكره، وذكره أبو عبد الله محمد بن الربيع بن سليمان الجيزي في كتاب من دخل مصر من الصحابة من جهة جماعة عن ابن لهيعة، منهم: ابن عبد الله بن عبد الحكم وابن وهب.
وفي روايتهما عنده ذكر سماع يزيد من أبي عبد الرحمن، وسماع أبي عبد الرحمن من المستورد، وكذا ذكره ابن وهب في مسنده، وأبو عبيد في كتاب الطهور.