٤٣ - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وسويد بن سعيد، وإسماعيل بن موسى السدي، قالوا: نا شريك، عن المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه، عن عائشة قالت: من حدّثك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال قائما فلا تصدقه، أنا رأيته يبول قاعدا.
هذا حديث لما خرجه الترمذي، قال فيه: هذا حديث أحسن شيء في الباب وأصح. وأبو حاتم بن حبان ذكره في صحيحه بلفظ: من حدثكم أنه كان يبول قائما.
وكذلك أبو عوانة الإِسفرائيني، وخرجه الحاكم في مستدركه من جهة عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا محمد بن كثير، ثنا سفيان، عن المقدام، ولفظه: ما بال - عليه السلام - قائمًا منذ أنزل عليه الفُرقان، ومن حديث سعيد بن مسعود، ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا إسرائيل عن المقدام، عن أبيه: سمعت عائشة تقسم بالله ما رأى أحد النبي - عليه السلام - يبول قائما منذ أنزل عليه الفرقان.
وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والذي عندي أنهما لما اتفقا على حديث حذيفة: أتى سباطة قوم فبال قائما وجدا حديث عائشة معارضا له، فتركاه، والله أعلم. انتهى.
وفيه نظر من حيث إنّ شأن المحدث النظر إلى الإِسناد وصحته والمتن وكونه محفوظا، وأما التعارض فليس من شأنه، ذاك من شأن الفقهاء، ولئن سلمنا أن ذلك من شأنهم، فلا تعارض بين الحديثين؛ لأنّ عائشة - رضي الله عنها - أخبرت عمّا شاهدت من فعله - عليه السلام - في بيته، والبيت ليس محلا للأعذار، وللأعذار المذكورة قبل. وعلى رواية أبي عوانة يكون النفي ورد على صيغة الاستمرار في الأغلب، وحديث حذيفة ليس فيه كان، فلا يدل على مطلق الفعل، فلا مخالفة، والله أعلم.