ومن الحجة له أيضًا ما صح عنه - عليه السلام -: أنّه كان يقول في سجوده: سجد وجهي للذي خلقه فشق سمعه وبصره، فأضاف السمع إلى الوجه.
وحجة الشافعي في قوله: إن مسحهما سنة على حيالهما -إجماع العلماء على أنّ الذي يجب عليه حلق رأسه في الحج ليس عليه أن يأخذ ما على أذنيه من الشعر.
قال أبو محمد: ولا يختلف أحد في أنّ البياض الذي بين منابت الشّعر من الرأس وبين الأذنين ليس هو من الرأس في حكم الوضوء. فمن المحال أن يكون بين أجزاء رأس الحي عضو ليس من الرأس، وأن يكون بعض رأس الحي مباينًا لسائر رأسه، وأيضًا لو كانا من الرأس لأجزأ أن يمسحا عن مسح الرأس، وهذا لا يقوله أحد.
وحكى الخطابي أن قوله - عليه السلام -: الأذنان من الرأس - له تأويلان: أحدهما: يمسحان مع الرأس تبعًا له، والآخر: أنهما يمسحان كما يمسح الرأس ولا يُغسلان كالوجه، وإضافتهما إلى الرأس إضافة تشبيه وتقريب، لا إضافة تحقيق، وإنما هو في معنى دون معنى، كقوله: مولى القوم منهم، أي في حكم النصرة والموالاة دون حكم النسب واستحقاق الإرث، ولو أوصى رجل لبني هاشم لم يعط مواليهم، ومولى اليهودي لا يؤخذ بَالجزية، وفائدة الكلام ومعناه عندهم إبانة الأذن عن الوجه في حكم الغسل، وقطع الشبه فيها لما بينهما من الشبه في الصورة، وذلك أنهما وجدتا في أصل الخلقة بلا الشعر، وجُعلتا محلا لحاسة من الحواس، ومعظم الحواس محلها الوجه، فقيل: الأذنان من الرأس؛ ليعلم أنهما ليسا من الوجه.