هذا القول عن الشافعي، والمشهور ما تقدّم ذكره، رواه عنه المزني والربيع والبويطي والزعفراني وغيرهم، وقد روي عن أحمد مثل قول الشعبي وإسحاق.
وقال داود: إن مسح أذنيه فحسن، وإن لم يمسح فلا شيء عليه، وأهل العلم يكرهون للمتوضئ ترك مسح أذنيه، ويجعلونه تارك سنة من سنن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يوجبون عليه إعادة إلا إسحاق، فإنّه قال: إن ترك مسح أذنيه عمدا لم يجزه.
وقال أحمد: إنّ تركهما عمدًا أحببت أن يعيد، وقد كان علي بن زياد صاحب مالك، يقول: من ترك سنة من سنن الوضوء أو الصلاة عامدًا أعاد، وهذا عند الفقهاء ضعيف، وليس لقائله سلف ولا له حظ من النظر، ولو كان ذلك كذلك لم يُعرف الفرض الواجب من غيره.
واحتج مالك والشافعي في أخذهما للأذنين ماء جديدا؛ بأنّ ابن عمر كان يفعل ذلك، وحجة أبي حنيفة حديث زيد بن أسلم، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كذلك فعل، وحديث الصنابحي حيث قال - عليه السلام -: فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من أذنيه، كما قال في الوجه: من أشفار عينيه، وفي اليدين: من تحت أظفاره.
ومن المعلوم أن العمل في ذلك واحد بماء واحد، واحتجوا أيضا بما رواه أبو داود، عن ابن عباس، ومسح برأسه مسحة واحدة، وأكثر الآثار على هذا، وحجة من قال: يغسل ظاهرهما مع الوجه، ويمسح باطنهما مع الرأس أن الله عز وجل قد أمر بغسل الوجه، وهو مأخوذ من المواجهة، فكل ما وقع عليه اسم وجه وجب غسله، وأمر عز وجل بمسح الرأس وما لم يواجهك من الأذنين فمن الرأس؛ لأنهما في الرأس فوجب المسح على ما لم يواجه منهما مع الرأس، وهو قول ترده الآثار الثابتة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه كان يمسح ظهور أذنيه وبطونهما من حديث علي وابن عباس وغيرهما.
وحجة ابن شهاب أنهما من الوجه؛ لأنه ما لم ينبت عليه الشعر فهو من الوجه، لا من الرأس إذا أدركته المواجهة، ولمن يكن قفا، والله تعالى قد أمر بغسل الوجه أمرًا مطلقًا.