وقال أحمد بن حنبل: كأن زهير بن محمد الذي وقع عندهم ليس هو هذا الذي يروي عنه أهل العراق، كأنه رجل آخر، قلبوا اسمه، وأصح الروايات عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسليمتين في الصلاة، وعليه أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ورأى قوم من الصحابة وغيرهم تسليمة واحدة في المكتوبة، قال الشافعي: إن شاء سلّم تسليمة واحدة، وإن شاء سلم تسليمتين، وبنحوه ذكره أبو علي الطوسي في أحكامه.
وقال ابن حزم: أما تسليمة واحدة فلا يصح فيها شيء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن الأخبار في ذلك إنّما هي من طريق محمد بن الفرج، عن محمد بن يونس، وكلاهما مجهول أو مرسل من طريق الحسن أو من طريق.
وقال ابن أبي حاتم في كتاب العلل عن أبيه: هذا حديث منكر، إنّما هو عن عائشة موقوف.
وقال أبو عمر ابن عبد البر: حديث عائشة لم يرفعه إلّا زهير بن محمد وحده، وزهير ضعيف عند الجميع كثير الخطأ لا يحتج به، وذكر ليحيى بن معين هذا الحديث، فقال: عمرو بن أبي سلمة وزهير ضعيفان، لا حجة فيهما، وأقرّه على هذا أبو محمد وأبو الحسن وابن المواق، وكأنه غير جيّد في موضعين:
الأول: قوله: لم يرفعه غير زهير لما ذكر الحافظ ضياء الدين المقدسي في باب من روى تسليمة: عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أوتر بتسع لم يقعد إلا في الثامنة فيحمد الله ويكبّره ثم ينهض، ولا يسلّم، ثم يصلي التاسعة فيجلس، فيذكر الله عز وجل ويدعو ويسلم تسليمة يسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فلما كبر وضعف أوتر بسبع ركعات لا يقعد إلا في السادسة، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي السابعة ثم يسلم تسليمة. ورواه الإِمام أحمد والنسائي وهذا لفظه، زاد أحمد: ثم يسلم تسليمة واحدة: السلام عليكم، يرفع بها صوته حتى يوقظنا ورواه النسائي عن