للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، ولا يثبت، وقال أبو الحسن محمد بن محمد بن عبد الله الباهلي في مسند عبد الله بن مسعود، تأليف أحمد بن إبراهيم الدورقي: هذا الحديث يدخله شيئان:

أحدهما: أن يكون هذا من قبل حفظ الناقلين، والوجه الآخر: أن يكون قوله ما رأيت مثلهم إلا ليلة الجن حين رأى ناسًا من الزط، يعني: ما علمت إلَّا ما علمت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: ما كنت ليلتئذ مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أبو أحمد الكرابيسي: وفي هذا الخبر إبطال كتاب الله تعالى، وذلك أن الله تعالى قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}، وقال - عليه السلام - لعمار: إن لم تجد الماء فعليك بالصعيد.

وقد اجتمعت الأمة أنه لا يتوضأ بغير الماء، ولا يغتسل بغيره من الجنابة، مثل: الخل، ونبيذ التمر والعسل، وماء العصفر، وما أشبه ذلك. ولا يثبت في هذا الباب من هذه الرواية حديث، بل الأخبار الصحيحة عن ابن مسعود ناطقة بخلافه.

وقال أبو جعفر الطحاوي: هذه الطرق لا تقوم بها الحجة عند من يقبل خبر الواحد.

وقال أبو بكر بن المنذر: حديث ليس بثابت، وقال ابن عدي: ولا يصح هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو خلاف القرآن، وبنحوه قاله الترمذي، وفي علل الحربي: وأبو زيد رجل مجهول، قد روى حديثه هذا عن أبي فزارة سبعة أنفس، وقالوا خمسة أقاويل، فقال إسرائيل ووكيع وشريك وسفيان: عن أبي زيد، وقال أبو العميس: عن زيد، وقال عبد الملك بن أبي سليمان: عن عبد الله بن يزيد بن الأصم، وقال ليث: عن رجل، وقال أبو عبد الله الشقري: عن شريك أنه حدّثه عن أبي زائدة، خلاف ما حكي عن سعدويه، والقول قول من قال: عن أبي زيد.

الثاني:

وقد خرج عبد الرزاق في أماليه التي رواها عنه الرمادي، فقال: أخبرني الثوري، عن أبي فزارة العبسي، وأما النسائي فلم يذكر في كتاب الكنى غير راشد، فعلى قول البخاري ومن بعده يكون قول من قال فيه: مجهول غير جيد، لا سيما على قول الحربي من أن سبعة رووه عنه، وذكر جماعة من العلماء، فأين مطلق الجهالة مع هذا؟ والله أعلم.

وأما قول ابن الجوزي في كتاب التحقيق: فإن قيل: أبو فزارة اسمه راشد بن كيسان أخرج عنه مسلم، فلذلك قال الدارقطني: أبو فزارة في حديث النبيذ اسمه راشد، فجوابه من وجهين:

أحدهما: أنهما اثنان؛ والمجهول هو الذي في هذا الحديث، ودليل هذا قول أحمد: أبو فزارة في حديث ابن مسعود مجهول، فاعلم أنه غير المعروف.

الثاني: أن معرفة اسمه لا تخرجه عن الجهالة، فيه نظر لما أسلفناه.

الثالث: وهو إنكار كون ابن مسعود - رضي الله عنه - وغيره شهد ليلة الجن، وقد أسلفنا ما يدلّ على أنّه هو حضرها، ولما رأى قومًا من الزطّ، قال: هؤلاء أشبه من رأيت بالجن ليلة الجن، ذكره البطليوسي، وأنكر ذلك علقمة فيما ذكره مسلم في

<<  <  ج: ص:  >  >>