وأمّا قول اللالكائي فظاهر في التعصب، والله أعلم، ويزيد ذلك وضوحا حضور الزبير بن العوام أيضا تلك الليلة، روى ذلك الإِسماعيلي، عن موسى بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا سليمان بن سلمة، ثنا أبو يحمد بقية بن الوليد، حدّثني نمير بن يزيد الحمصي - معروف حسن الحديث - عن أبيه، عن عمه قحافة بن ربيعة، ثنا الزبير بن العوام، قال: صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبح في مسجد المدينة، فلما فرغ قال: أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة … الحديث.
وكيفما حكى فلم يجزم بعدم حضوره، لكنه تردد، قال الأثرم: سألت أبا عبد الله: الذي يصح عندك أن عبد الله صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن؟ فقال: لا أدري. وقال ابن السيد في كتاب أسباب الخلاف: إنما أوجب التعارض أن الذي روى الحديث الأول يعني حديث عبد الله أسقط منه كلمة، وإنّما الحديث ما شهدها أحد غيري.
ومال الطحاوي - رحمه الله - إلى أن ابن مسعود لم يحضرها، فقال: فهذا الباب إن كان يؤخذ من طريق صحة الإِسناد؛ فهذا الحديث الذي فيه الإِنكار أولى، يعني حديث علقمة، لاستقامة طريقه ومتنه، وثبت رواته، وإن كان من طريق النظر فإنا قد رأينا الأصل المتفق عليه، أنه لا يتوضأ بنبيذ الزبيب ولا بالخل، فكان النظر على ذلك أن يكون نبيذ التمر أيضًا كذلك.
وقد أجمع العلماء أن نبيذ التمر إذا كان موجودا في حال وجود الماء أنّه لا يتوضأ به؛ لأنه ليس ماءً، فلما كان خارجًا عن حكم المياه في حال وجود الماء، كان كذلك هو في عدم الماء، وتوضؤ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان وهو غير مسافر، فلو ثبت هذا الأثر أنّ النبيذ يجوز التوضؤ به في البوادي والأمصار، ثبت أنّه يجوز التوضؤ به في حال وجود