وفيه عدم رجوع لما قاله الشافعي، وركون إلى قول من صرح بالسماع، وذهول عن قول الجعفي - رحمهم الله تعالى - ويزيده وضوحا أيضا: رجوع ابن المنكدر عن هذا الرأي إلى غيره.
ذكر أبو زرعة الدمشقي في تاريخه عن شعيب بن أبي حمزة: أنّ الزهري ناظر ابن المنكدر، فاحتج ابن المنكدر بحديث جابر، واحتج الزهري بحديث عمرو بن أميّة في الوضوء مما مست النار، قال: فرجع ابن المنكدر عن مذهبه إلى مذهب الزهري، انتهى.
ولقائل أن يقول: لو أخذه ابن المنكدر عن جابر شفاها لما رجع عنه، ولا ساغ له ذلك، ولكن لما أخذه عنه بواسطة ضعيف رجع عنه مسرعا، وقد رواه عن جابر أبو الزبير ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان.
ذكر ذلك الحاكم في تاريخ نيسابور، فقال: ثنا أبو حامد الحافظ، أنا أبو حاتم، ثنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا الجارود بن يزيد عن عبد الله بن زياد بن سمعان، حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أبي الزبير، عن جابر، بلفظ، قال لنا: يأتيكم رجل من أهل الجنة، [فجاء أبو بكر، ثم قال: يأتيكم رجل من أهل الجنة] فجاء عمر، ثم قال: ليأتينكم رجل من أهل الجنّة، اللهم إن شئت جعلته عليا، فجاء علي.
ثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم، ثنا أبو سعيد محمد بن شاذان، ثنا بشر بن محمد القارئ، ثنا ابن المبارك، ثنا الأوزاعي، عن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ.
وقد تقدم حديث ابن عقيل عنه، ورأيت بخط سعْد الخير: أنا ابن فراس، أنا ابن بشران، ثنا الحسين بن صفوان، ثنا ابن أبي الدنيا، عن محمد بن موسى بن الصباح، ثنا رشدين بن سعْد، قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام أربع عشرة، في كلها أقول: يا رسول الله، ثنا ابن شهاب عنك: أن توضئوا مما غيرت النار، فيقول لي: لا يا رشدين.