ثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد، ثنا أبو بكر محمد بن ياسين، ثنا أبي، ثنا عبد السلام بن نهشل بن سعيد، عن أبيه، عن قرّة، عن الحسن، عن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال: باسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبث، الشيطان الرجيم، وإذا خرج قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني.
وأما الغفران فمصدر كالمغفرة، قال الخطابي: نصبه بإضمار الطلب، وقيل في تأويل قوله ذلك قولان:
الأول: أنه استغفر من تركه ذكر الله تعالى مدّة لبثه على الخلاء.
الثاني: قيل معناه التوبة من تقصيره في شكر النعمة التي أنعم الله بها عليه، فأطعمه ثم هضمه، ويحتمل أن يكون فعله - عليه السلام - ذلك للتشريع والتعليم، فحق من خرج سالما معاذا مما استعاذ من الخبث والخبائث، أن يؤدي شكر نعمة الله عليه في إعاذته وإجابة سؤاله، وأن يستغفر الله خوفا ألا يؤدي شكر تلك النعمة، وهو قريب من حمد العاطس على سلامته.
ويحتمل أن تكون لما كانت حالة التخلي محظورا فيها الذكر والتوجه إلى الله تعالى، حَسُن أن يكون الذكر والاستغفار أوّل ما يصدر منه عند الخروج، كما كان آخر ما ختم به عند الدخول، كقول الشاعر:
وآخر شيء أنت أول هجعة … وأول شيء أنت عند هبوبي
ونص جماعة من الفقهاء منهم أحمد، على أنه يسن قول ذلك إذا خرج المتخلي، وعند غيرهم: من الآداب، والله تعالى أعلم.