وقال إسحاق فيما ذكره أبو عيسى: حديث عمار للوجه والكفين حديث صحيح، وحديثه: تيممنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المناكب والآباط، ليس هو بمخالف لحديث الوجه والكفين؛ لأنّ عمارا لم يذكر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم بذلك، وإنما قال: فعلنا كذا وكذا، فلما سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بالوجه والكفين، ففي هذا دلالة أنه انتهى إلى ما علمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال الإمام الشّافعي: ولا يجوز على عمار إذا ذكر تيممهم مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند نزول الآية إلى المناكب، إن كان عن أمره - عليه السلام - إلا أنه منسوخ عنده؛ إذ روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أمر بالتيمم على الوجه والكفين، أو يكون لم يرو عنه إلا تيمما واحدا، فاختلف رواته عنه، فتكون رواية ابن الصمة التي لم تختلف أثبت، وإذا لم تختلف فأولى أن يؤخذ بها؛ لأنها أوفق لكتاب الله تعالى من الروايتين اللتين روينا مختلفتين، أو يكون إنما سمعوا آية التيمّم عند حضور الصلاة فتيمموا، فاحتاطوا، وأتوا على غاية ما يقع عليه اسم اليد؛ لأنّ ذلك لا يضرهم، كما لا يضرهم لو فعلوه في الوضوء، فلما صاروا إلى سؤاله - عليه السلام - أخبرهم أنّهم يجزيهم من التيمم أقلّ مما فعلوا.
وهذا أولى المعاني عندي برواية ابن شهاب من حديث عمار بما وصف من الدلائل، والله تعالى أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن اختلاف حديث عمار في التيمم، وما الصحيح منها؟ فقال: رواه الثوري عن سلمة عن أبي مالك الغفاري عن عبد الرحمن بن أبزى عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورواه شعبة عن الحكم عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن عن