للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: شمول علم الله لما سيكون في المستقبل: ومعناه أن الله ﷿ علم علمًا أزليًّا بما سيقع فيما سيأتي من أزمان؛ سواء فيما يتعلق بالدنيا وما تصير إليه، وما يقع فيها من أمور إلى حين انقضائها وزوالها، أو ما يتعلق بالآخرة، إلى ما لا نهاية له.

وسواءٌ في كل ذلك ما يتعلق بنفسه ، أو ما يتعلق بمخلوقاته.

ويدل عليه قوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ [الحديد: ٢٢].

يعني: إلا في أم الكتاب (١).

فأخبر أن كتابته للمصيبة سابقة لوقوعها، والكتابة لا تكون إلا عن علم، فدل على أن علمه بها متقدم على وقوعها.

ويدل عليه كذلك حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله يقول: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء) (٢).

وكل دليل على تقدُّم الكتابة فهو دليل على العلم السابق بما سيكون - لأن الكتابة لا تكون إلا عن علم كما تقدم آنفًا -، سواء كانت الكتابة الأزلية أو غيرها، مع كون الكتابة الأولى كافية في الدلالة على ذلك لأن ما بعدها تفصيل منها (٣).

ومما يدل عليه الآيات والأحاديث التي جاءت في وصف المغيبات


(١) انظر: تفسير الطبري (٢٢/ ٤١٨).
(٢) تقدم تخريجه ص (١١٢).
(٣) انظر: ما تقدم ص (١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>