للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة، والرد عليهم.]

يخالف أهلَ السنة في هذه القاعدة القدريةُ المعتزلة، فإنهم ذهبوا - بناءً على أصلهم في الهدى والضلال - إلى أن المؤمن والكافر سواء في إنعام الله سبحانه عليهما النعمة الدينية، وهي ما بينه من أدلة الشرع والعقل وما خلقه من القدرة والألطاف، والمؤمن اهتدى بنفسه بغير نعمة أخرى خاصة من الله، والكافر ضل بنفسه من غير خذلان يخصه من الله سبحانه (١).

قال يحيى بن الحسين: "أما معنى تحبيب الله ﷿ إلى العباد الإيمان وتكريهه للكفر والفسوق والعصيان؛ فهو بما جعل وحكم لمن آمن واتقى من الجنان والنعيم والجزاء والإحسان، وبما كان يريهم ويشرعه لديهم من نصر المؤمنين والإظهار لحجتهم والإعزاز لدينهم، والتكريه منه لما ذكر، فهو بما أوجب على فاعل ذلك من العقوبات في الآخرة بالنيران، وفي الدنيا بالقتل والسبي والذل والخذلان، فلما جعل ما جعل من الثواب للمؤمنين، وما أعد وحكم بما حكم به من العقاب على الكافرين؛ رغب الراغبون في الثواب وأوجبوا له الإيمان وآمنوا، وهاب واتقى وخاف العقاب الخائفون، فاتقوا الله وكرهوا الكفر والفسوق والعصيان لخوف العقاب فاهتدوا، وزهد أهل الكفر في كفرهم لما يرون من ذلهم وصغارهم وظهور الحق والمحقين واعتلائهم، فتركوا الفسق ودخلوا في الحق، فهذا إن شاء الله معنى ما ذَكر من ذلك العليُّ الأعلى" (٢).


(١) انظر: جامع الرسائل (٢/ ٣٤٣).
(٢) كتاب الرد والاحتجاج على الحسن بن محمد بن الحنفية (ضمن رسائل العدل والتوحيد) (٢/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>