للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة، والرد عليهم.]

خالف أهل السنة في هذه القاعدة الأشاعرة والمعتزلة والماتريدية.

أما الأشاعرة؛ فذهبوا إلى إنكار التحسين والتقبيح العقليين، وأن العقل لا مدخل له في تحسين شيء ولا تقبيحه، وأنه ليس للفعل صفة في نفسه بها يحسن ويقبح، وأن ذلك إنما يعرف بالشرع، فما أمر به الشرع فهو حسن، وما نهى عنه فهو قبيح، وما حسنه فهو حسن وما قبحه فهو قبيح.

وعند هؤلاء أن الحسن والقبح مستفاد من الشرع لا غير، فلو أمر بالظلم لكان حسنًا، ولو نهى عن البِر لكان قبيحًا.

قال الأشعري: "فإن قال: فإنما يقبح الكذب لأنه قبحه، قيل له: أجل، ولو حسَّنه لكان حسنًا، ولو أمر به لم يكن عليه اعتراض" (١).

وقال أيضًا: "وأجمعوا على أن القبيح من أفعال خلقه ما نهاهم عنه وزجرهم عن فعله، وأن الحسن ما أمرهم به أو ندبهم إلى فعله أو أباحه لهم" (٢).

وقال الباقلاني: "واعلموا أنه ليس تحت وصف فعل المكلف بأنه حسن أو قبيح صفة هو في نفسه عليها يستحقها لذاته وجنسه، أو لمعنى يقوم به، أو لوجه هو في العقل عليه. . . وإنما يجب وصف فعل المكلف بأنه حسن وقبيح: إنه مما حكم الله بحسنه أو قبحه" (٣).


(١) اللمع (١١٧).
(٢) رسالة إلى أهل الثغر (٢٤٣).
(٣) التقريب والإرشاد للباقلاني (١/ ٢٧٨ - ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>